جريدة التربية
السبت 07 يناير 2017
عرض قيم بعنوان "النظرية الجشطلتية"..
أ) نظرة عامة عن النظرية الجشطالتية:
النظرية الجشطلتية واحدة من بين عدة مدارس فكرية متنافسة ظهرت في العقد الأول من القرن العشرين كنوع من الاحتجاج على الأوضاع الفكرية السائدة آنذاك والمتمثلة بالنظريات الميكانيكية والترابطية.
وقد عارضت النظرية الجشطلتية هذه النظرة إلى النفس الإنسانية المتمثلة في أن هذه النفس ليست أكثر من اﻟﻤﺠموع الكلي لأجزائها المكونة لها (والمتمثلة في الأحاسيس و المشاعر وغيرها).
والشيء الذي أدى إلى ظهور النظرية الجشطلتية والنظريات الأخرى المنافسة لها يمثل الاعتقاد الراسخ بأن الصورة الآلية الارتباطية الخاملة للنفس البشرية لا تعبر بحق عن الطبيعة الفنية الخلاقة ذات الطبيعة المعقدة التنظيم للعمليات والحوادث العقلية.
والنظرية الجشطلتية أكثر المدارس الكلية تحديدا وأكثرها اعتمادا على البيانات التجريبية، ولذلك كانت أكثرها نجاحا وكان اهتمامها الأول منصبا على سيكولوجية التفكير وعلى مشاكل المعرفة بصورة عامة. وقد امتدت النظرية إلى مجالات حل المشكلات والإدراك والجماليات والشخصية وعلم النفس الاجتماعي.
إن النظرية الجشطلتية ليست نظرية من نظريات التعلم في الأساس ولكن هناك الكثير مما يمكنها تقديمه لموضوع التعلم، كما أنها تقدم الكثير من المقترحات الأساسية و المليئة بالحماس لعملية التعليم التي تنطلق من معطيات التعلم الرئيسية بصورة مباشرة.
وفي رأي علماء النظرية الجشطلتية أنه إذا ما أردنا أن نفهم لماذا يقوم الكائن بالسلوك الذي يسلكه، فلا بد لنا من أن نفهم كيف يدرك هذا الكائن نفسه و الموقف الذي يجد فيه نفسه، ومن هنا كان الإدراك من القضايا الأساسية في التحليل الجشطلتي بمختلف أشكاله. والواقع أن التعلم ينطوي على رؤية الأشياء أو إدراكها كما هي على حقيقتها. وبهذا يكون التعلم، في صورته النموذجية، عملية انتقال من موقف غامض لا معنى له أو موقف لا ندري كنهه إلى حالة يصبح معها ما كان غير معروف أو غير مفهوم أمرا في غاية الوضوح، ويعبر عن معنى ما ويمكن فهمه والتكيف معه في التو واللحظة.
ب) تاريخ ظهور النظرية الجشطالتية:
إن المناخ الذي ساد علم النفس في أواخر القرن التاسع عشر كان إذا ما أردنا وصفه على صورة مبسطة يتمثل في أن النظرة إلى "الكل"، بصورة عامة، ليس أكثر من مجموع أجزائه.
ولكن البحث المشهور الذي أعده "كريستيان فون اهرينفلز" (K.von Ehrenfels (1869-1932 عام 1890، كان يرى أن معظم الكليات العقلية هي أكثر من مجرد مجموع أجزائها، فالمثلث ليس مجرد مجموع ثلاثة خطوط مستقيمة وثلاث زوايا مناسبة، ولكن المثلث هو مجموع هذه العناصر الستة مضافا إليها عنصرا سابعا ألا وهو »الصفة الجشطلتية« أو الصفة الشكلية للمثلث.
وهكذا كان "فون اهرينفلز يرى أن "الكل أكثر من مجموع أجزائه، إنه مجموع أجزائه مضافا إليها الصفة الجشطلتية".
هكذا كانت الأمور في بداية القرن العشرين وفي حوالي عام 1910 اقترح "ماكس فيرتيمر " (Max Wertheimer (1880-1943 المؤسس الحقيقي لنظرية الجشطالت، تنظيما جديدا جذريا لوجهة النظر الكلية وهو التنظيم الذي أصبح فيما بعد موضع القلب في مدرسة علم النفس الجشطلتية. وكان من رأى فيرتيمر أن طريقة الجمع بأكملها طريقة خاطئة. فالكل غير مساو ﻟﻤﺠموع الأجزاء، وليس كذلك مجرد مجموع الأجزاء مضافا إليها عنصر آخر أو الصفة الجشطلتية (الصفة الشكلية)، فالكل يمكن أن يختلف اختلافا تاماً عن مجموع أجزائه. والنظر إلى الكل بطريقة الجمع أو كأنه مجرد أكثر من مجموع أجزائه نظرة غير ملائمة. "فالكل منطقيا ومعرفيا سابق على أجزائه".
والواقع أن الأجزاء لا تصبح أجزاء ولا تقوم بوظيفتها كأجزاء حتى يوجد الكل الذي هي أجزاء له. وتزعم النظرية الجشطلتية أن الكل لا يساوي مجموع أجزائه كما انه (أي الكل) ليس مجرد أكثر من أجزائه، بل إن له بنية وديناميات داخلية، وهو ارتباط متكامل. وهذا ما يجعله مختلفا اختلافا جذريا عن الشيء الذي ينظر إليه وكأنه مجرد مجموع أجزائه.
وقد بدأت المدرسة الجشطلتية في أول أبحاثها بدراسة الظواهر الخاصة بالإدراك.
ج) المفاهيم الأساسية لنظرية الجشطالت:
» مفهوم الجشطالت:
هو أصل التسمية لهذه المدرسة، ويعني كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة، ومع الكل ذاته من جهة أخرى. فكل عنصر أو جزء من الجشطالت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل.
» مفهوم البنية:
تتشكل البنية من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية تحكمها ديناميا ووظيفيا، بحيث إن كل تغيير في عنصر يؤدي إلى التأثير على البنية ككل وعلى أشكال اشتغالها وتمظهراتها.
» مفهوم الاستبصار:
ميز الجشطالتيون في إطار الإستبصار بين طريقتين:
▪ طريقة يقوم فيها الفرد المتعلم بسلوكات استكشافية أولية، ليتعرف على ما تتضمنه الوضعية أو الموضوع من خصائص و علاقات وعناصر... تتلوها فترة هدوء مؤقتة يُدَاهِم فيها الحل الفجائي ذهن الفرد(استبصار فجائي).
▪ طريقة يقوم فيها الفرد بمعالجة منهجية للوضعية أو الموضوع، بحيث يبدأ بفرز عناصره ومكونات بنيته الكلية، لينتقل إلى بناء وتكوين خطوات تساعده على إيجاد حل للوضعية المشكلة.
» مفهوم الإدراك:
يعرف هيلوهتز Helohetz الإدراك ويقول: "هو حالة الانتقال مما هو محسوس إلى استنتاج واع، معتمدا على العمليات الذهنية".
هذه المفاهيم وغيرها مثل: التنظيم، إعادة التنظيم، الانتقال، الفهم والمعنى... هي المفاهيم التي جاءت بها نظرية التعلم الجشطالتية والتي ترى أن التعلم يرتبط بادراك الكائن لذاته ولموقف التعلم، كما ترى هذه النظرية أن التعلم يكون عن طريق مفهوم الإدراك والانتقال من وضعية إلى وضعية أخرى، من مرحلة الغموض إلى مرحلة الوضوح.
د) المنظرون الرئيسيون:
* ماكس فيرتيمر (Max Wertheimer (1880-1943 - مؤسس النظرية الجشطلتية.
* ولفجانج كوهلر (Wolfgang Köhler (1887-1967.
* كيرت كوفكا (Kurt Koffka (1886- 1941.
ولدت النظرية الجشطلتية في ألمانيا وقدمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العشرينات من القرن الحالي على يدي كوفكا وكوهلر. وأصبحت بعد ذلك مدرسة رئيسية من مدارس علم النفس في أمريكا.
الإدراك كان من بين الأمور الهامة التي يركز عليها الجشطلتيون بشكل تقليدي في عملهم، إلا أن التفكير والمعرفة وحل المشكلات والشخصية وعلم النفس الاجتماعي كانت من الأمور التي تحظى بأهمية مماثلة.
أما العمل الذي قد تكون له صلة مباشرة بمجال التعلم فهو الكتاب الموجز الذي كتبه فرتيمر ونشر بعد وفاته باسم "التفكير المنتج"، وذلك من أجل تطوير النظرية الجشطلتية التي تقول "بأن التعلم والتفكير الحقيقيين ينطويان على الوصول إلى لب المشكلة وفهم البنية التركيبية للموقف الذي تقوم فيه وتحقيق التبصر في الجوانب الأساسية المطلوبة لكي تصبح القضية المطروحة ذات معنى ودلالة".
وقد أصبح ولفجانج كوهلر أبرز المنظرين الجشطلتيين. فقد نشر سلسلة من الكتب التي أحسن إعداد أفكارها حول النظرية، كان من بينها كتـاب "عقلية القردة" الذي يورد فيه تجارب واسعة على حل المشكلات عند قردة الشيمبانزي، والتي يمكنها إظهار ذكاء لامع في محاولتها التصرف في المواقف المشكلة، شريطة أن تكون المواقف ذاتها لها معنى وليست مواقف مصطنعة.
هـ) موقف الجشطلت من النظريات السلوكية:
كما أسلفنا في مقدمة البحث فإن نظرية التعلم الجشطلتية جاءت كرد فعل لنظرية التعلم السلوكية، فالطريقة الجشطلتية تختلف في فهمها للتعلم اختلافا جذريا عن وجهات النظر السابقة، بل إنها تتناقض تناقضا حادا مع وجهة نظر السلوكيين. وذلك أن النظريات السلوكية نادت بكون التعلم يحدث نتيجة ارتباط بين مثيرات واستجابات.
فكان اعتراض الجشطالتيين على النظرية السلوكية يشمل عدة نقاط:
• انتقدوا الاتجاه نحو تفتيت الإدراك الى جزئيات صغيرة، فالفرد يدرك الموقف كوحدة واحدة وليس كجزئيات مترابطة مثل النظر إلى لوحة فنية، حيث يدركها الناظر إليها كلوحة واحدة لها خصائصها الجمالية وليس كجزئيات منفصلة
• اعتبروا أن مجرد المحاولة والخطأ دون معنى لا يمثلان خصائص التعلم.
• اعتبروا أن الحفظ و التطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي. "التعلم الحقيقي ينطوي على الفهم والاستبصار والإدراك" وليس على الإشراط أو تكوين الارتباطات الاعتباطية.
• يرى الجشطلتيون أن الكليات هي الأساس، وهي التي تحدد طبيعة الأجزاء التي تكون هذه الكليات أكثر من كونها مجرد المجموع الكلي لأجزائها. مثلا تقديم الموضوع شموليا، فجزئيا وفق مسطرة الانتقال من الكل إلى الجزء.
• إن التحليل ينبغي أن يسير من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس، حيث أنهم يعترفون بأولوية الكل على أجزاء هذا الكل وبالدور الحاسم الذي يلعبه (أي الكل) في تحديد أجزائه.
وتدعى النظرية الجشطلتية أن الارتباطات الجزئية الميكانيكية لا تعدو كونها صورا كاريكاتورية فارغة »للتعلم الحقيقي« وهو الذي يمتاز بمحاولة الوصول إلى صلب القضية. وهو تعلم أمين للطبيعة الحقيقية للمواد التي يراد تعلمها وبنيتها، فهو يتميز بالتوصل إلى الفهم المرضي لما كان لا معنى له قبل التعلم أو تلك التجربة التي نصل فيها إلى الاستبصار الحقيقي.
السؤال الجوهري لعلم النفس التعليمي ينبغي ألا يكون كيف يرتبط شيء بشيء آخر أو كيف تنشأ مجموعة من الأجزاء الميكانيكية بين المثيرات والاستجابات أو كيف تتشكل الارتباطات، وإنما ينبغي أن يكون ما هي الشروط اللازمة لتحقيق الفهم الحقيقي لمشكلة ما وتحقيق حلها.
وهكذا فان العملية السيكولوجية للاستبصار تشكل جوهر اهتمامات الجشطلتيين في سيكولوجية التعلم، فالتعلم يكون قد تم عندما يتم الفهم وعندما تتم تنمية الاستبصار في الطبيعة الحقيقية للموقف المُشكل، وعندما يعمل التعلم بطرق تظهر أن الملامح الهامة للعمل المراد تعلمه قد تم إدراكها.
إن القضايا الأساسية في التعلم من وجهة نظر الجشطلتيين ليست قضايا الارتباط وإنما هي قضايا "الاستبصار والفهم. أما المسألة الخاصة بطبيعة التعزيز ودوره في عملية التعلم فهي مسألة لا تحظى باهتمام كبير عند العلماء الجشطلتيين فهم يرون أن أوجه التعزيز الخارجي إنما تصرف الانتباه عن التعلم، وعلى سبيل المثال إذا ما كنت تصارع نظرية من نظريات الجبر أو كنت تحاول بناء جسر من الطوب فان القضية الهامة هي فيما إذا كنت قد فهمت البرهان على النظرية المذكورة أو فيما إذا كان الجسر الذي بنيته سيظل قائما ولن ينهار-وليست هي الدرجة التي سيمنحها لك المدرس أو ابتسامة التقدير من والديك.
لا يعني بعد كل هذا العرض أن هذه النظرية مجرد كلام نظري يعرض كترف فكري، وإنما لها العديد من التطبيقات التربوية التي يمكن للمعلم استغلالها لتحقيق أهداف العملية التعليمية، نذكر منها:
+ يجب أن يكون تأكيد المدرس الأساسي على الطريقة الصحيحة للإجابة وليس على الإجابة الصحيحة في حد ذاتها، وذلك لتنمية الفهم والاستبصار بالقواعد والمبادئ المسئولة عن الحل مما يزيد فرص انتقالها إلى مشكلات أخرى.
+ يمكن الاستفادة من مفهوم الاستبصار في حل المشاكل الهندسية أو التفكير في مشكلة رياضية ما، وذلك بحصر المجال الكلي للمشكلة.
+ التأكيد على المعنى والفهم، فيجب ربط الأجزاء دائما بالكل فتكتسب المغزى، فمثلا تكتسب الأسماء والأحداث التاريخية أكبر مغزى لها عند ربطها بالأحداث الجارية أو بشيء أو بشخص هام بالنسبة للمتعلم.
+ المتعلم يتعامل مع الكليات قبل النظر إلى الأجزاء.
+ أهمية الانطلاق من الكل رغم أننا نقصد التعامل مع الأجزاء (العلوم، التشكيل، المعلوميات...).
+ تعامل المتعلم مع وضعيات والحاجة إلى النظرة الكلية واستثمار المجال (السياق، المعطيات، السند...) قبل التفكير في الحلول الجزئية.
+ تعلم القراءة: الجشطالت أساس نظري للطريقة الكلية. تنطلق من مبدأ الكل إلى الجزء، وبطريقة إجرائية يمكنك فهمها من خلال المثال التالي: لتدريس الحروف مثلا للتلاميذ ننطلق من نص بسيط وهذا هو الكل، ثم يتم استخراج الجملة القرائية التي تحتوي على الحرف موضوع الدرس، ثم الكلمة، ثم يتم التعرف على الحرف في آخر المطاف، فنكون قد وصلنا للجزء.
+ إظهار المدرس البنية الداخلية للمادة المتعلمة والجوانب الأساسية لها، بحيث يحقق البروز الإدراكي لها بالمقارنة بالجوانب الهامشية فيها، مع توضيح أوجه الشبه بين المادة المتعلمة الحالية وما سبق أن تعلمه المتعلم مما يساعد على إدراكها بشكل جيد.
+ استثارة دافع الفضول وحب الاستطلاع لدى المتعلم، فحل المشكلة التي يقع فيها التلميذ يكون دافعاً له (استعادة التوازن المعرفي)، ومن هنا فإن إزالة الغموض أو خفضه يمكن النظر إليه على أنه مكافئ لفكرة التعزيز لدى السلوكيين، ومع أن التعزيز لدى السلوكيين خارجي يعتمد على المكافأة الخارجية، فإن خفض الغموض أو إزالته واستعادة التوازن المعرفي (أي الوصول لحل المشكلات) يمكن أن يكون بمثابة مكافأة داخلية. ويمكن للمعلم إشباع دافع الفضول وحب الاستطلاع لدى المتعلم عن طريق ترتيب مواقف التعلم بما يحقق هذه الغاية.
+ تنظيم مادة التعلم في نمط قابل للإدراك مع الاستخدام الفعال للخبرة السابقة، وإظهار كيف تتلاءم الأجزاء في النمط ككل.
+ يصف الجشطالتيون الفصل الدراسي بأنه نوع من العلاقة بين المدرس والمتعلم تقوم على الأخذ والعطاء، فالمعلم يساعد الطالب على اكتشاف ورؤية العلاقات وتنظيم الخبرات في أنماط ذات معنى مع تقسيم المقرر الدراسي إلى وحدات ترتبط ببعضها بمفهوم عام.
+ تدريب المتعلمين على عزل أنفسهم إدراكيا عن العناصر والمواد والظروف الموقفية التي تتداخل مع ما يحاولون حله من المشكلات.
ومن بين المفاهيم الأساسية فـي النظرية الجشطلتية مفاهيم البنية والتحديد العلائقي والتنظيم وإعادة التنظيم والمعنى. أما المفهومان المركزيان في مجال التعلم فهما فكرتا الاستبصار والفهم.
وبينما لم يعد هناك مدرسة جشطلتية ظاهرة وذات نشاط فعال عند حلول عقد السبعينات، إلا أن الكثير من الاهتمامات التي أثارها المنظرون الجشطلتيون ظلت ولا تزال مركزية في الأبحاث الحاضرة التي تتناول المعرفة ومعالجة المعلومات والإدراك وحل المشكلات والتعلم.
تحميل الموضوع:
السبت 07 يناير 2017
عرض قيم بعنوان "النظرية الجشطلتية"..
تقديم:
ظهرت المدرسـة الجشطالتية على يد ماكس فيرتمير (1943-1880) Wertheimer وكورت كوفكا (kofka (1941-1886 وفولف جالج كوهلر (kohler (1967-1881 الذين ركزوا في نظرتهم على الإدراك وقالوا أن التعلم هو فعل إدراكي، ونظرية التعلم الجشطلتية جاءت كرد فعل لنظرية التعلم السلوكية. وقد تضمنت النظرية مجموعة من المفاهيم.I- النظرية الجشطلتية:
أ) نظرة عامة عن النظرية الجشطالتية:
النظرية الجشطلتية واحدة من بين عدة مدارس فكرية متنافسة ظهرت في العقد الأول من القرن العشرين كنوع من الاحتجاج على الأوضاع الفكرية السائدة آنذاك والمتمثلة بالنظريات الميكانيكية والترابطية.
وقد عارضت النظرية الجشطلتية هذه النظرة إلى النفس الإنسانية المتمثلة في أن هذه النفس ليست أكثر من اﻟﻤﺠموع الكلي لأجزائها المكونة لها (والمتمثلة في الأحاسيس و المشاعر وغيرها).
والشيء الذي أدى إلى ظهور النظرية الجشطلتية والنظريات الأخرى المنافسة لها يمثل الاعتقاد الراسخ بأن الصورة الآلية الارتباطية الخاملة للنفس البشرية لا تعبر بحق عن الطبيعة الفنية الخلاقة ذات الطبيعة المعقدة التنظيم للعمليات والحوادث العقلية.
والنظرية الجشطلتية أكثر المدارس الكلية تحديدا وأكثرها اعتمادا على البيانات التجريبية، ولذلك كانت أكثرها نجاحا وكان اهتمامها الأول منصبا على سيكولوجية التفكير وعلى مشاكل المعرفة بصورة عامة. وقد امتدت النظرية إلى مجالات حل المشكلات والإدراك والجماليات والشخصية وعلم النفس الاجتماعي.
إن النظرية الجشطلتية ليست نظرية من نظريات التعلم في الأساس ولكن هناك الكثير مما يمكنها تقديمه لموضوع التعلم، كما أنها تقدم الكثير من المقترحات الأساسية و المليئة بالحماس لعملية التعليم التي تنطلق من معطيات التعلم الرئيسية بصورة مباشرة.
وفي رأي علماء النظرية الجشطلتية أنه إذا ما أردنا أن نفهم لماذا يقوم الكائن بالسلوك الذي يسلكه، فلا بد لنا من أن نفهم كيف يدرك هذا الكائن نفسه و الموقف الذي يجد فيه نفسه، ومن هنا كان الإدراك من القضايا الأساسية في التحليل الجشطلتي بمختلف أشكاله. والواقع أن التعلم ينطوي على رؤية الأشياء أو إدراكها كما هي على حقيقتها. وبهذا يكون التعلم، في صورته النموذجية، عملية انتقال من موقف غامض لا معنى له أو موقف لا ندري كنهه إلى حالة يصبح معها ما كان غير معروف أو غير مفهوم أمرا في غاية الوضوح، ويعبر عن معنى ما ويمكن فهمه والتكيف معه في التو واللحظة.
ب) تاريخ ظهور النظرية الجشطالتية:
إن المناخ الذي ساد علم النفس في أواخر القرن التاسع عشر كان إذا ما أردنا وصفه على صورة مبسطة يتمثل في أن النظرة إلى "الكل"، بصورة عامة، ليس أكثر من مجموع أجزائه.
ولكن البحث المشهور الذي أعده "كريستيان فون اهرينفلز" (K.von Ehrenfels (1869-1932 عام 1890، كان يرى أن معظم الكليات العقلية هي أكثر من مجرد مجموع أجزائها، فالمثلث ليس مجرد مجموع ثلاثة خطوط مستقيمة وثلاث زوايا مناسبة، ولكن المثلث هو مجموع هذه العناصر الستة مضافا إليها عنصرا سابعا ألا وهو »الصفة الجشطلتية« أو الصفة الشكلية للمثلث.
وهكذا كان "فون اهرينفلز يرى أن "الكل أكثر من مجموع أجزائه، إنه مجموع أجزائه مضافا إليها الصفة الجشطلتية".
هكذا كانت الأمور في بداية القرن العشرين وفي حوالي عام 1910 اقترح "ماكس فيرتيمر " (Max Wertheimer (1880-1943 المؤسس الحقيقي لنظرية الجشطالت، تنظيما جديدا جذريا لوجهة النظر الكلية وهو التنظيم الذي أصبح فيما بعد موضع القلب في مدرسة علم النفس الجشطلتية. وكان من رأى فيرتيمر أن طريقة الجمع بأكملها طريقة خاطئة. فالكل غير مساو ﻟﻤﺠموع الأجزاء، وليس كذلك مجرد مجموع الأجزاء مضافا إليها عنصر آخر أو الصفة الجشطلتية (الصفة الشكلية)، فالكل يمكن أن يختلف اختلافا تاماً عن مجموع أجزائه. والنظر إلى الكل بطريقة الجمع أو كأنه مجرد أكثر من مجموع أجزائه نظرة غير ملائمة. "فالكل منطقيا ومعرفيا سابق على أجزائه".
والواقع أن الأجزاء لا تصبح أجزاء ولا تقوم بوظيفتها كأجزاء حتى يوجد الكل الذي هي أجزاء له. وتزعم النظرية الجشطلتية أن الكل لا يساوي مجموع أجزائه كما انه (أي الكل) ليس مجرد أكثر من أجزائه، بل إن له بنية وديناميات داخلية، وهو ارتباط متكامل. وهذا ما يجعله مختلفا اختلافا جذريا عن الشيء الذي ينظر إليه وكأنه مجرد مجموع أجزائه.
وقد بدأت المدرسة الجشطلتية في أول أبحاثها بدراسة الظواهر الخاصة بالإدراك.
ج) المفاهيم الأساسية لنظرية الجشطالت:
» مفهوم الجشطالت:
هو أصل التسمية لهذه المدرسة، ويعني كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة، ومع الكل ذاته من جهة أخرى. فكل عنصر أو جزء من الجشطالت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل.
» مفهوم البنية:
تتشكل البنية من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية تحكمها ديناميا ووظيفيا، بحيث إن كل تغيير في عنصر يؤدي إلى التأثير على البنية ككل وعلى أشكال اشتغالها وتمظهراتها.
» مفهوم الاستبصار:
ميز الجشطالتيون في إطار الإستبصار بين طريقتين:
▪ طريقة يقوم فيها الفرد المتعلم بسلوكات استكشافية أولية، ليتعرف على ما تتضمنه الوضعية أو الموضوع من خصائص و علاقات وعناصر... تتلوها فترة هدوء مؤقتة يُدَاهِم فيها الحل الفجائي ذهن الفرد(استبصار فجائي).
▪ طريقة يقوم فيها الفرد بمعالجة منهجية للوضعية أو الموضوع، بحيث يبدأ بفرز عناصره ومكونات بنيته الكلية، لينتقل إلى بناء وتكوين خطوات تساعده على إيجاد حل للوضعية المشكلة.
» مفهوم الإدراك:
يعرف هيلوهتز Helohetz الإدراك ويقول: "هو حالة الانتقال مما هو محسوس إلى استنتاج واع، معتمدا على العمليات الذهنية".
هذه المفاهيم وغيرها مثل: التنظيم، إعادة التنظيم، الانتقال، الفهم والمعنى... هي المفاهيم التي جاءت بها نظرية التعلم الجشطالتية والتي ترى أن التعلم يرتبط بادراك الكائن لذاته ولموقف التعلم، كما ترى هذه النظرية أن التعلم يكون عن طريق مفهوم الإدراك والانتقال من وضعية إلى وضعية أخرى، من مرحلة الغموض إلى مرحلة الوضوح.
د) المنظرون الرئيسيون:
* ماكس فيرتيمر (Max Wertheimer (1880-1943 - مؤسس النظرية الجشطلتية.
* ولفجانج كوهلر (Wolfgang Köhler (1887-1967.
* كيرت كوفكا (Kurt Koffka (1886- 1941.
ولدت النظرية الجشطلتية في ألمانيا وقدمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العشرينات من القرن الحالي على يدي كوفكا وكوهلر. وأصبحت بعد ذلك مدرسة رئيسية من مدارس علم النفس في أمريكا.
الإدراك كان من بين الأمور الهامة التي يركز عليها الجشطلتيون بشكل تقليدي في عملهم، إلا أن التفكير والمعرفة وحل المشكلات والشخصية وعلم النفس الاجتماعي كانت من الأمور التي تحظى بأهمية مماثلة.
أما العمل الذي قد تكون له صلة مباشرة بمجال التعلم فهو الكتاب الموجز الذي كتبه فرتيمر ونشر بعد وفاته باسم "التفكير المنتج"، وذلك من أجل تطوير النظرية الجشطلتية التي تقول "بأن التعلم والتفكير الحقيقيين ينطويان على الوصول إلى لب المشكلة وفهم البنية التركيبية للموقف الذي تقوم فيه وتحقيق التبصر في الجوانب الأساسية المطلوبة لكي تصبح القضية المطروحة ذات معنى ودلالة".
وقد أصبح ولفجانج كوهلر أبرز المنظرين الجشطلتيين. فقد نشر سلسلة من الكتب التي أحسن إعداد أفكارها حول النظرية، كان من بينها كتـاب "عقلية القردة" الذي يورد فيه تجارب واسعة على حل المشكلات عند قردة الشيمبانزي، والتي يمكنها إظهار ذكاء لامع في محاولتها التصرف في المواقف المشكلة، شريطة أن تكون المواقف ذاتها لها معنى وليست مواقف مصطنعة.
هـ) موقف الجشطلت من النظريات السلوكية:
كما أسلفنا في مقدمة البحث فإن نظرية التعلم الجشطلتية جاءت كرد فعل لنظرية التعلم السلوكية، فالطريقة الجشطلتية تختلف في فهمها للتعلم اختلافا جذريا عن وجهات النظر السابقة، بل إنها تتناقض تناقضا حادا مع وجهة نظر السلوكيين. وذلك أن النظريات السلوكية نادت بكون التعلم يحدث نتيجة ارتباط بين مثيرات واستجابات.
فكان اعتراض الجشطالتيين على النظرية السلوكية يشمل عدة نقاط:
• انتقدوا الاتجاه نحو تفتيت الإدراك الى جزئيات صغيرة، فالفرد يدرك الموقف كوحدة واحدة وليس كجزئيات مترابطة مثل النظر إلى لوحة فنية، حيث يدركها الناظر إليها كلوحة واحدة لها خصائصها الجمالية وليس كجزئيات منفصلة
• اعتبروا أن مجرد المحاولة والخطأ دون معنى لا يمثلان خصائص التعلم.
• اعتبروا أن الحفظ و التطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي. "التعلم الحقيقي ينطوي على الفهم والاستبصار والإدراك" وليس على الإشراط أو تكوين الارتباطات الاعتباطية.
• يرى الجشطلتيون أن الكليات هي الأساس، وهي التي تحدد طبيعة الأجزاء التي تكون هذه الكليات أكثر من كونها مجرد المجموع الكلي لأجزائها. مثلا تقديم الموضوع شموليا، فجزئيا وفق مسطرة الانتقال من الكل إلى الجزء.
• إن التحليل ينبغي أن يسير من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس، حيث أنهم يعترفون بأولوية الكل على أجزاء هذا الكل وبالدور الحاسم الذي يلعبه (أي الكل) في تحديد أجزائه.
وتدعى النظرية الجشطلتية أن الارتباطات الجزئية الميكانيكية لا تعدو كونها صورا كاريكاتورية فارغة »للتعلم الحقيقي« وهو الذي يمتاز بمحاولة الوصول إلى صلب القضية. وهو تعلم أمين للطبيعة الحقيقية للمواد التي يراد تعلمها وبنيتها، فهو يتميز بالتوصل إلى الفهم المرضي لما كان لا معنى له قبل التعلم أو تلك التجربة التي نصل فيها إلى الاستبصار الحقيقي.
السؤال الجوهري لعلم النفس التعليمي ينبغي ألا يكون كيف يرتبط شيء بشيء آخر أو كيف تنشأ مجموعة من الأجزاء الميكانيكية بين المثيرات والاستجابات أو كيف تتشكل الارتباطات، وإنما ينبغي أن يكون ما هي الشروط اللازمة لتحقيق الفهم الحقيقي لمشكلة ما وتحقيق حلها.
وهكذا فان العملية السيكولوجية للاستبصار تشكل جوهر اهتمامات الجشطلتيين في سيكولوجية التعلم، فالتعلم يكون قد تم عندما يتم الفهم وعندما تتم تنمية الاستبصار في الطبيعة الحقيقية للموقف المُشكل، وعندما يعمل التعلم بطرق تظهر أن الملامح الهامة للعمل المراد تعلمه قد تم إدراكها.
إن القضايا الأساسية في التعلم من وجهة نظر الجشطلتيين ليست قضايا الارتباط وإنما هي قضايا "الاستبصار والفهم. أما المسألة الخاصة بطبيعة التعزيز ودوره في عملية التعلم فهي مسألة لا تحظى باهتمام كبير عند العلماء الجشطلتيين فهم يرون أن أوجه التعزيز الخارجي إنما تصرف الانتباه عن التعلم، وعلى سبيل المثال إذا ما كنت تصارع نظرية من نظريات الجبر أو كنت تحاول بناء جسر من الطوب فان القضية الهامة هي فيما إذا كنت قد فهمت البرهان على النظرية المذكورة أو فيما إذا كان الجسر الذي بنيته سيظل قائما ولن ينهار-وليست هي الدرجة التي سيمنحها لك المدرس أو ابتسامة التقدير من والديك.
II- بعض التطبيقات التربوية للنظرية الجشطلتية:
لا يعني بعد كل هذا العرض أن هذه النظرية مجرد كلام نظري يعرض كترف فكري، وإنما لها العديد من التطبيقات التربوية التي يمكن للمعلم استغلالها لتحقيق أهداف العملية التعليمية، نذكر منها:
+ يجب أن يكون تأكيد المدرس الأساسي على الطريقة الصحيحة للإجابة وليس على الإجابة الصحيحة في حد ذاتها، وذلك لتنمية الفهم والاستبصار بالقواعد والمبادئ المسئولة عن الحل مما يزيد فرص انتقالها إلى مشكلات أخرى.
+ يمكن الاستفادة من مفهوم الاستبصار في حل المشاكل الهندسية أو التفكير في مشكلة رياضية ما، وذلك بحصر المجال الكلي للمشكلة.
+ التأكيد على المعنى والفهم، فيجب ربط الأجزاء دائما بالكل فتكتسب المغزى، فمثلا تكتسب الأسماء والأحداث التاريخية أكبر مغزى لها عند ربطها بالأحداث الجارية أو بشيء أو بشخص هام بالنسبة للمتعلم.
+ المتعلم يتعامل مع الكليات قبل النظر إلى الأجزاء.
+ أهمية الانطلاق من الكل رغم أننا نقصد التعامل مع الأجزاء (العلوم، التشكيل، المعلوميات...).
+ تعامل المتعلم مع وضعيات والحاجة إلى النظرة الكلية واستثمار المجال (السياق، المعطيات، السند...) قبل التفكير في الحلول الجزئية.
+ تعلم القراءة: الجشطالت أساس نظري للطريقة الكلية. تنطلق من مبدأ الكل إلى الجزء، وبطريقة إجرائية يمكنك فهمها من خلال المثال التالي: لتدريس الحروف مثلا للتلاميذ ننطلق من نص بسيط وهذا هو الكل، ثم يتم استخراج الجملة القرائية التي تحتوي على الحرف موضوع الدرس، ثم الكلمة، ثم يتم التعرف على الحرف في آخر المطاف، فنكون قد وصلنا للجزء.
+ إظهار المدرس البنية الداخلية للمادة المتعلمة والجوانب الأساسية لها، بحيث يحقق البروز الإدراكي لها بالمقارنة بالجوانب الهامشية فيها، مع توضيح أوجه الشبه بين المادة المتعلمة الحالية وما سبق أن تعلمه المتعلم مما يساعد على إدراكها بشكل جيد.
+ استثارة دافع الفضول وحب الاستطلاع لدى المتعلم، فحل المشكلة التي يقع فيها التلميذ يكون دافعاً له (استعادة التوازن المعرفي)، ومن هنا فإن إزالة الغموض أو خفضه يمكن النظر إليه على أنه مكافئ لفكرة التعزيز لدى السلوكيين، ومع أن التعزيز لدى السلوكيين خارجي يعتمد على المكافأة الخارجية، فإن خفض الغموض أو إزالته واستعادة التوازن المعرفي (أي الوصول لحل المشكلات) يمكن أن يكون بمثابة مكافأة داخلية. ويمكن للمعلم إشباع دافع الفضول وحب الاستطلاع لدى المتعلم عن طريق ترتيب مواقف التعلم بما يحقق هذه الغاية.
+ تنظيم مادة التعلم في نمط قابل للإدراك مع الاستخدام الفعال للخبرة السابقة، وإظهار كيف تتلاءم الأجزاء في النمط ككل.
+ يصف الجشطالتيون الفصل الدراسي بأنه نوع من العلاقة بين المدرس والمتعلم تقوم على الأخذ والعطاء، فالمعلم يساعد الطالب على اكتشاف ورؤية العلاقات وتنظيم الخبرات في أنماط ذات معنى مع تقسيم المقرر الدراسي إلى وحدات ترتبط ببعضها بمفهوم عام.
+ تدريب المتعلمين على عزل أنفسهم إدراكيا عن العناصر والمواد والظروف الموقفية التي تتداخل مع ما يحاولون حله من المشكلات.
خلاصة:
النظرية الجشطلتية هي أساسا نظرية في التفكير وحل المشكلات، مع أنه من بين اهتماماتها الرئيسية العمليات المعرفية الأخرى مثل الإدراك والتعلم.ومن بين المفاهيم الأساسية فـي النظرية الجشطلتية مفاهيم البنية والتحديد العلائقي والتنظيم وإعادة التنظيم والمعنى. أما المفهومان المركزيان في مجال التعلم فهما فكرتا الاستبصار والفهم.
وبينما لم يعد هناك مدرسة جشطلتية ظاهرة وذات نشاط فعال عند حلول عقد السبعينات، إلا أن الكثير من الاهتمامات التي أثارها المنظرون الجشطلتيون ظلت ولا تزال مركزية في الأبحاث الحاضرة التي تتناول المعرفة ومعالجة المعلومات والإدراك وحل المشكلات والتعلم.
تحميل الموضوع:
2 تعليقات
اسم المؤلف وينو
ردحذفشكرا على المقال الشيق و المفيد
ردحذفيسرنى تشريفكم فى مدونتى "مدونة علم النفس"
ما هى مدرسة الجشطالت؟