بتاريخ الخميس 19 يناير 2017
يبدو واضحا أن النسق التربوي المغربي يعيش أزمة معلنة وأخرى مضمرة، والدليل على ذلك أن العشرية السابقة انطلقت في البداية من أجل إصلاح النظام التعليمي، وفي منتصف الطريق كنا في حاجة إلى إصلاح الإصلاح، وجاء البرنامج الاستعجالي.
اليوم نتحدث عن الإصلاح وننطلق من لا شيء وهنا نتحدث عن تقويم الإصلاحات السابقة وتطوير مؤشراتها الايجابية وتصحيح السلبية، فما بشر به الإصلاح الأول وهو الميثاق لم تصدق كل نبوءاته، وجاءت اللجنة الملكية لإصلاح التعليم وبعدها المجلس الأعلى للتعليم، والبرنامج الاستعجالي والآن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتركيبة جديدة واختصاصات إضافية وببرنامج جديد وهو مشاريع الرؤية الاستراتيجية 2015/2030.
اليوم، وبالضبط عند نهاية هذا الموسم لا بد من عملية تقييم للمشاريع والتدابير التي تم تنزيلها ونعني تلك ذات المدى المتوسط التي لا تتعدى ثلاث سنوات بحيث يعتبر هذا الموسم الانتهاء من توطينها وتجريبها، إذن الظرف الدقيق الذي نمر منه لا يسمح بمزيد من ضياع الفرص.
ونقصد بالخصوص التدبير الأول: مسارات تعلم جديدة للسنوات الأربع من التعليم الابتدائي (المشروع 12 من الرؤية الاستراتيجية)، والتدبير 2 المتعلق بعتبات الانتقال (المشروع 13) والتدبيرين 3 و4 حول التمكن من اللغات وبالأخص الباكالوريا الدولية (المشروع 14) والتدابير5 و6 و7 و10 المتعلقة بمسار اكتشاف المهن والمسار المهني والباكالوريا المهنية والمقاولة وروح المبادرة (المشروع 16) والتدبير 20 المتعلق بالنزاهة والقيم في المدرسة (المشروع 18)…
السؤال هو ماذا تحقق في هذه المشاريع على أرض الواقع ؟ الحصيلة لا تدعو للتفاؤل خصوصا عندما نتحدث عن الكيف ، وهو ما يقودنا إلى أن نطرح سؤال أين يكمن الخلل؟ هل الخلل في المسؤولين وتخطيطهم؟ أم في الفاعلين الميدانيين؟ هل الخلل في المضامين والمقررات والبرامج؟ هل الخلل في الفئات التي يستهدفها منتوجنا التربوي؟..
نعتقد ودون تهرب من المسؤولية أن الخلل موزع على الجميع، والخسارة يتقاسمها الجميع. فرغم كون النجاح هو شأن خاص فالخسارة مسؤولية جماعية، لكن الآن الآية مقلوبة: الكل يصيح أن الخسارة فردية، ويرمي الكرة في ملعب الآخر، وهذا هو الخطير.
في ميدان كميدان التربية والتعليم الخسارة جماعية ويتحمل الكل جزءا ونصيبا منها، شريطة أن يتوضح لكل طرف نصيبه من المسؤولية وربط ذلك بالمحاسبة. المدرسة شأن عمومي يهم الجميع، والكل يجب ان يكون منشغلا ومنهجسا بإعادة انتاج وبلورة تصور جديد وبناء جديد للمدرسة العمومية.
الغريب في الأمر أننا نعيش اليوم مسألة خطيرة بعد ظهور أصوات تنعي وترثي المدرسة العمومية، بل تدفع إلى استخراج شهادة وفاتها، ولو بطريقة غير مباشرة كالانخراط مثلا في نقاشات هامشية وجانبية ترمي إلهاء الرأي العام عن المشكل الحقيقي وفي تغييب تصور حول مؤسسة تستطيع على الأقل الانخراط في المشروع الحديث للمجتمع؛ مع عدم الحسم في الأسئلة البانية لمثل هذا التصور ، وهي أسئلة فكرية، فلسفية، تعبر عن الاختيارات الكبرى المطلوب من أصحاب القرار السياسي الحسم بشأنها، إلى جانب الحسم في النموذج التنموي المطلوب، والذي يعتبر التعليم أحد روافده، وهو ما لا أظن أنه مطروح بوضوح على جدول أعمال المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، على الرغم من تجدد القول فيه .
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليقات