التقويم والدعم

التقويم والدعم
جريدة التربية ::: التقويم والدعم
جريدة التربية
جريدة التربية
السبت 07 يناير 2017

موضوع بعنوان "التقويم والدعم"..

1 – التقويم

يعتبر التقويم نشاطا مندمجا في سيرورة التعليم والتعلم. وتتنوع أساليبه وتقنياته وأدواته تبعا للأهداف التي يروم تحقيقها. وغالبا ما يتعلق الهدف من التقويم بقرار يتم اتخاذه على ضوء نتائج التقويم، كتنظيم حصص للدعم والتقوية لفائدة مجموعة من التلاميذ، أو السماح لتلميذ بالانتقال إلى مستوى أعلى، أو إلزام تلميذ بتكرار المستوى، الخ... ونظرا لخطورة بعض القرارات المبنية على نتائج التقويم، يتم العمل على توخي الموضوعية التامة، مما يستدعي اعتماد معايير تتلاءم وهدف التقويم. وفيما يلي تدقيق لأهم هذه المفاهيم.

+ مفهوم التقويم البيداغوجي:
عبارة عن سيرورة منهجية تتوخى تقدير التحصيل الدراسي لشخص معين وتشخيص صعوبات التعلم التي تعيق نموه المعرفي، وذلك بالنظر إلى المنهاج المسطر، بهدف إصدار الحكم المناسب واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بتخطيط المستقبل الدراسي للمتعلم.
و يعرف دو كيتيل التقويم على أنه "جمع معلومات تتسم بالصدق والثبات والفعالية، وتحليل درجة ملاءمة هذه المعلومات لمجموعة معايير خاصة بالأهداف المحددة في البداية، بهدف اتخاذ قرار".
فبالنسبة للمعلومات، يمكن أن تكون :
- حقائق، كعدد التلاميذ الذين أجابوا عن سؤال، أو نسبة التمارين المنجزة من لدن تلميذ،...
- تمثلات، كآراء ومواقف وتصورات الأشخاص المستهدفين من التقويم.
ويراعى في جمع المعلومات الفعالية والصدق والثبات. وتتمثل فعالية المعلومات في مطابقتها للهدف المحدد للتقويم. ويتعلق صدقها بتطابقها والمعلومات المستهدفة من التقويم. أما ثباتها فيتجلى في إمكانية الحصول عليها من لدن أشخاص آخرين وفي أوقات أو أماكن أخرى.
وتكتسي المعايير أهمية خاصة، إذ على ضوئها تتخذ القرارات. وترتبط المعايير بهدف التقويم. فإذا كان الهدف هو تقرير نجاح أو رسوب التلميذ، يكون المعيار مثلا مدى تمكن التلميذ من التعلمات، دون الاهتمام بكيف تم التعلم أو لماذا لم يتم. أما إذا كان الهدف هو تقرير تدارك هفوات التلميذ، فإن المعيار يرتبط بكيفية التعلم والصعوبات التي تحول دونه.

+ أنواع التقويم :
- التقويم التشخيصي : قد يطلق عليه أيضا التقويم القبلي أو التمهيدي أو الاستكشافي. ويهدف إلى فحص وضعية الانطلاق وتعرف خصائص المتعلمين قبل الشروع في العملية التعليمية.يكون في بداية السنة الدراسية أو بداية الأسدس أو الوحدة أو الدرس أو الحصة الدراسية، وهو تقويم يفيد في معرفة المكتسبات السابقة، والكشف عن مواطن الخلل في تحصيل المتعلمات والمتعلمين
- التقويم التكويني : يطلق عليه التقويم الجزئي أو المرحلي أيضا. ويتم في غضون السنة أو الفترات الدراسية، أو يتخلل مراحل الدرس أو الحصة، وهو مجموعة من الإجراءات العملية التي تتخلل عملية التدريس بهدف توجيه تحصيل المتعلمين في الاتجاه الصحيح، وتحديد جوانب القوة لتعزيزها، ومواطن الضعف لمعالجتها، ولإطلاع المتعلمات والمتعلمين على نتائج تعلمهم، وإثارة دافعيتهم وحفزهم على الاستمرار في عملية التحصيل .
- التقويم الإجمالي : يطلق عليه في الأدبيات التقويمية التقويم البعدي أو الختامي أو الجزائي أو النهائي؛ وقد يكون إشهاديا. يكون في نهاية سلك أو سنة دراسية أو أسدس أو فترة، أو درس أو حصة ويهدف هذا النوع من التقويم إلى تحديد النتائج الفعلية للتعلمومقارنتها بالكفايات والأهداف المتوخاة. يتم بواسطة التقويم الإجمالي وضع التقديرات الكمية والنوعية، والحكم على مستوى المتعلمات والمتعلمين، وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تحصيلهم أو تفييئهم أو انتقالهم إلى مستوى أرقى.

+ وظائف التقويم :

ترتبط وظائف التقويم بالغاية المحددة له، أو بطبيعة القرار الذي سيتم اتخاذه. فاللجوء إلى التقويم يتم في فترات مختلفة، لمعرفة هل بإمكان التلميذ أن ينجح (المصادقة على التعلم)، أو هل هناك صعوبات تحول دون استيعاب التعلمات (تعديل النشاط التربوي)، أو هل يتوفر على الأسس الضرورية لمتابعة التعلم (توجيه التلميذ أو الفعل التربوي). وانطلاقا من هذا المنظور، يمكن إجمال وظائف التقويم فيما يلي :
* وظيفة التوجيه (orientation):
ويقصد بها توجيه التلميذ نحو أنشطة تعلمية معينة، أو نحو شعبة ملائمة لقدراته. وينجز هذا النوع من التقويم قبل بداية تعلمات جديدة، للوقوف على مدى تمكن التلاميذ من مكتسبات سابقة، تعتبر ضرورية للتعلم. ويمكن أن يعتمد هذا التقويم على وضعية إدماج تتعلق بالكفايات التي تم اكتسابها سابقا، أو أدوات اختبارية أخرى يتم استثمارها لتحقيق هدفين أساسين :
- تحديد مؤهلات التلميذ لمواصلة تعلم جديد.
- تقدير المخاطر التي قد تعوق السير العادي للتلميذ.
* وظيفة التعديل (régulation):
ولتحقيقها، ينجز التقويم خلال مختلفأنشطة التعلم (التعلم العادي وتعلم الإدماج)، لتدارك نقص أو فراغ ما. وتستعمل الوسائل المعتادة في مجال التقويم التكويني. ويتمثل الهدف من هذا النوع من التقويم في تشخيص أخطاء التلاميذ. وتتحقق وظيفة التعديل إذا تم استثمار هذه الأخطاء في وضع خطة للعلاج(remédiation) وتنفيذها. وفي هذا الصدد، يمكن اتباع المراحل التالية لإنجاز تشخيص فعال :
- تصنيف الأخطاء، وخصوصا الشائعة، حسب طبيعتها.
- تحليل هذه الأصناف لتحديد أسبابها.
- وضع خطة علاجية لتدارك الأخطاء.
* وظيفة المصادقة (certification):
وتتجلى في المصادقة على امتلاك التلميذ التعلمات الأساسية، وقدرته على إدماجها في حل وضعية-مشكلة. وينجز التقويم للمصادقة في نهاية التعلم الخاص بكفاية، للتأكد من أن النجاح مستحق، وأن الفشل مبرر. ويعتمد هذا النوع من التقويم، الذي ينجز في نهاية التعلمات الخاصة بكفاية أو بإحدى مراحلها، على وضعية مكافئة للوضعية التي اعتمدت لإدماج التعلمات، شريطة أن تكون جديدة بالنسبة للتلاميذ. وتقتضي المصادقة ضرورة الاهتمام بالإنجازات الصحيحة (النجاحات) فقط، دون اعتبار الأخطاء. فالمقاربة بالكفايات تندرج ضمن بيداغوجيا النجاح.
ويلخص الجدول التالي أهم العناصر المرتبطة بكل وظيفة من وظائف التقويم :

نتائج التقويمموضوع التقويمتوقيت التقويم
وظيفة التوجيهتوجهات، مع ما يجب إتباعهالمؤهلات والمخاطرقبل بداية التعلم
وظيفة التعديلتشخيص الأخطاء وخطة العلاجالأخطاء الشائعةأثناء التعلم
وظيفة المصادقةالدليل/الحجة على التمكنالنجاحاتنهاية التعلم

+معايير التقويم :
تعتبر معايير التقويم (critères dévaluation) صفات مميزة لإنجاز التلميذ، يتم تحديدها عند صياغة الكفاية أو الوضعيات-المشكلة المرتبطة بها. ويصاغ المعيار باستعمال اسم ذي دلالة إيجابية كصحة الجواب، أو اسم منعوت بصفة إيجابية كالتقديم الصحيح للجواب، أو على شكل جملة استفهامية مثل: هل تقديم الجواب صحيح ؟
وتصنف المعايير إلى صنفين:
- معايير دنيا (critères minima): وهي المعايير الضرورية للحكم بالتمكن من الكفاية أو عدمه.
- معايير الإتقان (critères de perfectionnement): وهي المعايير التي لا يمكن اعتبارها إلا إذا تم احترام المعايير الدنوية. فهي لا تدخل في إطار اتخاذ القرار، وإنما تستثمر في تحديد مستوى الإنجاز لكل تلميذ، ومقارنة التلاميذ فيما بينهم.
وفيما يلي أمثلة ببعض المعايير:
* الفهم الصحيح للوضعية-المسألة : معيار دنوي بالنسبة لجل المواد الدراسية.
* التقديم (présentation) الصحيح للإجابة : معيار دنوي بالنسبة للغاتوالفنون، ومعيار للإتقان بالنسبة لمادة علمية مثلا.
لكن غالبا ما يكون المعيار ذا طابع شمولي ومجرد. ولأجرأته، يتم تدقيقه بمؤشرات(indicateurs) قابلة للملاحظة والقياس. وكمثال على ذلك، يمكن اعتبار المؤشرين التاليين للمعيار : الفهم الصحيح للوضعية :
- المؤشر 1 : فهم نص الوضعية-المشكلة.
- المؤشر 2 : اختيار العلاقات والقوانين ... (الموارد) الملائمة للوضعية.
ومن أهم مجالات استثمار نتائج التقويم، عملية العلاج أوالاستدراك(remédiation)، أو ما يعرف في نظامنا التربوي بالدعم والتثبيت. ويتحدد الهدف من التقويم في تشخيص مكامن الضعف لدى التلميذ، من خلال الأخطاء المرتكبة، وتصنيف هذه الأخطاء، والبحث عن أسبابها، لاقتراح تعلمات مدعمة.

2 - الدعـــــم

مفهوم الدعم البيداغوجي :
الدعم البيداغوجي نشاط تعليمي تعلمي يسعى إلى تدارك النقص الحاصل لدى المتعلمات والمتعلمين، خلال عمليةالتعلم، وهو مرحلة مهمة في العمل التعليمي تأتي بعد مرحلة التقويم؛ إذ بدونه يمكن للتعثرات أن تتحول إلى عائق أو عوائق حقيقية تحول دون تنمية المفاهيم والمعارف والمهارات والقدرات... إلخ، حيث يصبح المتعلم(ة) عاجزا عن مسايرة التمدرس، وهو ما يؤدي إلى الفشل والهدر المدرسي. كما يمكن أن يكون الدعم استجابة وتدعيما لمواطن القوة والتفوق التي يرغب المتعلم في تعزيزها، سواء كانت فنية أو علمية أو أدبية أو رياضية... إلخ.

أنواع الدعم البيداغوجي :
يختلف تصنيف الدعم البيداغوجي باختلاف معايير التصنيف، بحيث نجد هذه الأنواع تدور حول المعايير التالية :
+ معيار الترتيب الزمني :
* دعم وقائي : يسمى كذلك لأنه يقي المتعلم(ة) من التعثر قبل بدء عملية التعليم والتعلم. وله ارتباط وثيق بالتقويم التشخيصي، حيث إن المدرس(ة) إذا توقع من خلال نتائج التقويم التشخيصي أن بعض المتعلمات والمتعلمين لن يتمكنوا من متابعة التحصيل، فعليه اتخاذ تدابير وقائية وداعمة لتمكينهم من متابعة تعلمهم؛
* دعم تتبعي (فوري، مستمر) : ووظيفته ضبط جهد المتعلم وترشيده وسد ثغراته، وله علاقة بالتقويم التكويني التتبعي الذي إذا كشفت نتائجه أن المتعلمات والمتعلمين يعانون من بعض الصعوبات في متابعة مسارهم التعليمي التعلمي، فإنه من اللازم التدخل لتجاوز تلك الصعوبات، تفاديا لتراكمها وتحولها إلى معيق نوعي.
* دعم دوري (مرحلي، تعويضي) : يأتي في نهاية مرحلة دراسية، أو بعد مجموعة من الدروس المترابطة (وحدة دراسية أو مجموعة من الوحدات). ومهمته تعويض النقص الملاحظ في نتائج تقويم التعلمات.
+ معيار مجال الشخصية الذي يتوجه إليه الدعم :
* الدعم النفسي : ويختص بالمتعلمات والمتعلمين الذين يعانون صعوبات ومشاكل نفسية تعيق تعلماتهم التي تحول دون تطوير المعارف والمهارات؛
* الدعم الاجتماعي : يهتم بمحاولة مساعدة المتعلمات والمتعلمين على تجاوز الصعوبات والمعيقات الاجتماعية التي قد يعانون منها، وتشكل عائقا لتنمية معارفهم؛
* الدعم المعرفي والمنهجي : ينصب على المعلومات والمعارف ومنهجيات العمل المطلوب اكتسابها.
+ معيار العدد (فردي أو جماعي) :
* دعم جماعي : دعم عام (جماعة القسم بكاملها) : يهم كل المتعلمات والمتعلمين كأن يضطر الأستاذ(ة) إلى إعادة درس بأكمله أو جزء منه إذا ما تبين من نتائج التقويم أن جل المتعلمات والمتعلمين لم يوفقوا في حل التمرين أو الهدف الذي لم يتحقق. وقد رأينا سابقا أن قراءة المجموع الموجود في أسفل الأعمدة يبين مواقع الخلل في هدف معين بالنسبة لكل المتعلمات والمتعلمين، خاصة بعد تحويل هذا المجموع إلى نسبة مئوية نتعرف من خلالها على نسبة نجاح المتعلمات والمتعلمين في العنصر الواحد للاختبار.
* دعم خاص بالمجموعات :
أ- المجموعات المتجانسة : نقصد بالمجموعة المتجانسة عددا من المتعلمات والمتعلمين بينهم قواسم مشتركة من حيث الخطأ في التمرين الواحد، أو لديهم ثغرات متقاربة تستوجب تخصيصهم بأنشطة معينة. وفي هذه الحالة يقدم الأستاذ(ة) الأنشطة الداعمة للمجموعات بناء على متطلبات كل مجموعة.
ب- دعم المجموعات غير المتجانسة : يتم لفائدة مجموعة مختلفة من حيث مستويات التحصيل والقدرات، ويتم أساسا عبر التكامل والتعاون والعمل البيني الأفقي داخل المجموعة. وإن هذا النوع من الدعم يخدم بناء كفايات مستعرضة من قبيل التعاون والتشارك والاندماج... إلخ، إضافة إلى كونه يخدم الكفايات النوعية، ومن شأنه أن يقلص التمركز حول الأستاذ، أو يساعده على القيام بأنشطة متزامنة مع هذا النشاط، كأن يقدم دعما فرديا أو جماعيا لفئات أخرى، ويصبح الفصل في هذا النوع من الدعم فصلا متعدد المستويات.
ج- الدعم الفردي : هو الدعم الموجه لمتلعم(ة) واحد. يتخذ شكل إرشادات شفهية أو مكتوبة يلتزم بها المتعلم منفردا، أو تكليفه بإنجاز مهام بشكل مستقل، ومن الأمثلة ذلك: إمداد المتعلم(ة) بمجموعة من التمارين أو المهام الإضافية.


تحميل الموضوع:

إرسال تعليق

0 تعليقات