"تهميش الفلسفة" في التعليم .. مخاوف تربوية ودوافع سياسية

"تهميش الفلسفة" في التعليم .. مخاوف تربوية ودوافع سياسية
جريدة التربية ::: "تهميش الفلسفة" في التعليم .. مخاوف تربوية ودوافع سياسية
جريدة التربية
هسبريس - محمد الراجي
بتاريخ الخميس 12 يناير 2017

ظلّتْ نظرة السلطة إلى الفلسفة في المغرب مشوبة بالتوجّس، إذ سَعتْ إلى "تهميشها"، على غرار علم الاجتماع، لأسباب سياسية؛
ذلك أنَّ الفلاسفة هم رسامو خرائط الطريق للشعوب نحوَ التحرّر، وبالتالي إرساء أسس الديمقراطية، وهو ما يعاكس مشروع السلطة. وظّلت الفلسفة مُهمّشة في التعليم المغربي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، إلى أنْ بدأ رفع "الحظر" عنها بداية التسعينيات.

النقاش الذي جاء كردَّة فعل من عدد من المثقفين وأساتذة الفلسفة بالمغرب، خلال الأسبوعين الأخيريْن، عبّروا عن مخاوفهم منْ مضامين مقرّر التربية الإسلامية في التعليم الثانوي التأهيلي، بعد خضوعه للمراجعة، وعن مخاوفهم بخصوص مستقبل الفلسفة في المغرب، يُعيدُ إلى الواجهة سؤالَ ما إنْ كانت الدولة لازالت تنظر بعيْن الريبة والتوجّس إلى الفلسفة.

مُليم العروسي، أستاذ الفلسفة والجماليات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء سابقا، اعتبر أنَّ القراءة التي قدّمها البعض عن كون موقف مقرّر التربية الإسلامية من الفلسفة ينطوي على توجّه لدى الدولة للحدّ من إشعاع الفلسفة في التعليم المغربي "مُمكنة"، وربط ذلك بتخوّف صانعي القرار "من أنّ المعارك المستقبليّة على المدى البعيد ستتمحور حول الديمقراطية والفكر الحرّ".

ما يُعزّز هذا الطرح، حسب العروسي، هو أنَّ "الفكْرَ النكوصي الذي جرتْ رعايته من طرف السلطة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ليُواجه الفلسفة، بدأَ يفقدُ نَفَسَه القوي"، لافتا إلى أنَّ "مضمون مقرّر التربية الإسلامية الذي أثارَ جدلا واسعا في المغرب يزكّي توجّها رسميا؛ لأنّ الكُتبَ تخضع للمراقبة؛ وهذا معناه أنّه مقبول من طرف الدولة".

وفي حين وُجّهت أصابع الانتقاد إلى وزارة التربية الوطنية، التي أعطت موافقتها على تدريس المقرّر، قالَ العروسي إنَّ الأمر يتعلّق بـ"توجُّه إستراتيجي للدولة"، وزاد موضحا: "وزراء التعليم ليست بيدهم سُلطة.. السلطة توجد في مكان آخر خارج الحكومة، حيث تُتخذ القرارات الكبرى. في الثمانينيات، حين صدرَ قرار بتقليص ساعات الفلسفة وفتْح شعب الدراسات الإسلامية في الكليات، لم يكن القرار لوزير التعليم عز الدين العراقي، بل كان يتجاوزه".

وانتقدَ أستاذ الفلسفة والباحث في الجماليات الرأي القائل إنّ مضمون كتاب التربية الإسلامية "رأي من الآراء المتعددة"، قائلا: "هذا يدعو إلى الاستغراب. هل سيُسمح للفلاسفة أن يردّوا بأنّ الإسلام أيضا لا يصلح لشيء"، وأضاف: "هناك تناقض، وهذا يعني أنّ هناك موقفا. ولا يمكن القول إنّ الأمر يتعلّق بمهادنة طرْف معيّن".

وكانت وزارة التربية الوطنية أصدرت بيانا بعد الزوبعة التي أثارها مقرر التربية الإسلامية، معتبرة أن "لا تعارض بين الفلسفة الراشدة والإيمان الحق"، إلا أنَّ العروسي يعتبر أنَّ "الفلسفة الراشدة" التي تتحدّث عنها وزارة التربية الوطنية "في العُمْق ليستْ فلسفة"، وزاد: "هذا وعْظ وإرشاد وليس فلسفة".

وأردف المتحدث ذاته بأن "الفلسفة الراشدة التي تضعها الدولة ضمن سياساتها لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال فلسفة"، وزاد مستدركا: "لكنْ في عُمق المشروع المجتمعي المغربي هذا ما يُريدونه؛ أيْ الجمْع بين الأصالة والمعاصرة؛ ومعناه أنْ نأخذ من الماضي بقدْر ما نأخذ من الحاضر.. أن نأخذ من الحاضر ما ينفعنا في تدبير شؤوننا، ولكن في ما يتعلق بالروح والعمق والجوهر يبقى الماضي هو المهيمن".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

إرسال تعليق

0 تعليقات