وزارة التربية الوطنية تصفي ما تبقى من المدرسة العمومية وتتخذ قرارات مرتجلة وغير واقعية تجاه الآلاف من خريجي مؤسسات تكوين الأطر

وزارة التربية الوطنية تصفي ما تبقى من المدرسة العمومية وتتخذ قرارات مرتجلة وغير واقعية تجاه الآلاف من خريجي مؤسسات تكوين الأطر
جريدة التربية ::: وزارة التربية الوطنية تصفي ما تبقى من المدرسة العمومية وتتخذ قرارات مرتجلة وغير واقعية تجاه الآلاف من خريجي مؤسسات تكوين الأطر
جريدة التربية
وزارة التربية الوطنية تصفي ما تبقى من المدرسة العمومية وتتخذ قرارات مرتجلة وغير واقعية تجاه الآلاف من خريجي مؤسسات تكوين الأطر

جريدة التربية / نقلا عن الأستاذ محمد الدريج
الاحد 29 يناير 2017

في الوقت الذي سيبلغ فيه عدد الخصاص الذي تعاني منه المدرسة العمومية المغربية وحدها ،سنة 2017 ، أكثر من 45 ألف إطار تربوي ،حسب بعض التوقعات ، وفي الوقت الذي تعرف فيه أقسام المدارس العمومية اكتظاظا مهولا ، وبعد نزيف المغادرة الطوعية ، فضلا عن الأعداد الكبيرة التي غادرت التعليم في إطار التقاعد و التقاعد النسبي فقط لسنة 2016 وحسب بعض المصادر المطلعة، أكثر من 12 ألف إطار تقاعدوا. (عن موقع بديل ، يونيو 2016)؛ فإن الأساتذة المتدربين "أساتذة الغد" هم اليوم في الشوارع مرة أخرى، فمن المستفيد بالتلاعب بمصير الملايين من أبنائنا و تدمير المدرسة المغربية ؟

وبالرغم من كل ذلك ، فإن وزارة التربية الوطنية تتخذ قرارات مرتجلة و ملتبسة وغير واقعية ، تجاه موضوع التكوين الأساسي عموما وتجاه الآلاف من خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والمدارس العليا للأساتذة وغيرها بمختلف ربوع المملكة، والذين يطالبون بحقهم المشروع في الالتحاق بالعمل وخدمة وطنهم و بان تلتزم الوزارة والحكومة بتعهداتهما تجاههم ، وهم على فئات و أصناف:

1- حالة 10 آلاف من الأساتذة المتدربين ،"أساتذة الغد" والذين قبلوا رسميا، بعد حصولهم على الاجازة من كلياتهم الأصلية واجتيازهم لمباريات الالتحاق بالمراكز الجهوية التابعة لوزارة التربية الوطنية ، و عانوا من المرسوم الشهير الذي يفصل بين التكوين والتوظيف والتحقوا بعد نضال مرير للعمل بالمؤسسات، يعيشون حالة من القلق ، قبل تعيينهم وترسيمهم، وحالة من الخوف من عدم التزام الوزارة مجددا بالتزاماتها نحوهم ، وخاصة بعد ترسيب حوالي 150 منهم الأمر الذي رأت فيه تنسيقيتهم ومعظم النقابات الوطنية نوعا من الانتقام ، و "طريقة بئيسة وإخراج سيئ لعملية ترسيب قرابة 150 أستاذا وأستاذة من المتدربين

2- حالة آلاف من الطلبة المدرسين/المتدربين والأطر التربوية والذين تم تكوينهم في المدارس العليا للأساتذة التابعة لوزارة التعليم العالي، بفضل البرنامج الحكومي لتكوين ال 10 آلاف إطار وصرفت على تكوينهم الملايير ، وما زالوا ينتظرون.

3- حالة عموم الخريجين من كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط و من المدارس العليا للأساتذة والذين هيأوا للعمل التربوي وللعمل كمدرسين من طرف هذه المؤسسات المنشأة أصلا للتكوين الاساسي للمدرسين، ينتظرون الفرج ، بعد تخرجهم سواء من السلك العادي أو من أسلاك الماستر و الدكتوراه .

4- حالة الآلاف من الذين سيلتحقون بالتعليم وفق "نظام التعاقد"، الذي فرضته الوزارة مؤخرا بنوع من الارتجال ، و بعد الضغوط التي تعرضت لها جراء النقص المهول في المدرسين والاكتظاظ غير المسبوق ، تعاقد لا يشترط بالضرورة تكوينا بيداغوجيا أساسيا ومسبقا. و سيشتغلون في ظروف مادية ونفسية غير مستقرة ومستقبل غامض، ودون التيقن من إمكانية إدماجهم وترسيمهم في القطاع . نظام (التوظيف المباشر بالتعاقد دون تكوين أساسي مسبق) سيجعل وضع ومصير مؤسسات التكوين ، بما فيها المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، معلقا ومجهولا، وسيجعل من حديث المجلس الأعلى للتعليم عن الجودة والرقي من مستوى التكوين وعن الإصلاح عموما، مجرد كلام ليس إلا.

5- فئة المساعدين الاجتماعيين وخاصة خريجي الاجازة المهنية من الجامعات المغربية والمهيأين للعمل التربوي والعمل كمرشدين وموجهين وفي برامج الدعم النفسي والاجتماعي والوساطة ومواكبة التلاميذ الذين يعانون من التعثر أو ممن هم في وضعية صعبة وخاصة المهددين بالهدر المدرسي او بالانحراف واللجوء إلى العنف أو الارتماء في أحضان الارهاب ... والوزارة ما زالت ترفض إدماجهم ، علما بان المدرسة المغربية في أشد الحاجة إلى هؤلاء المساعدين ، أسوة بغيرها من المدارس العربية والاوربية...

6- أساتذة سد الخصاص والتربية غير النظامية والذين ترفض الوزارة الوصية لحد الأن ودون مبرر مقبول، تسوية وضعيتهم رغم مستواهم العلمي والأكاديمي الجيد والخبرة الهامة التي راكموها من عملهم الفعلي في قطاع التربية والتعليم. علما أﻥ افراد ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺌﺔ يشتغلون حاليا، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ وفي أقسام من ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻓﻲ وﺿﻌﻴﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ أو في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية ،منذ ﺴﻨﻮﺍﺕ عديدة، ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻱ، ﺍﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ المدرسين ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﻴﻦ ، ﺣﻴﺚ يخضعون أيضا، فضلا عن مهام التدريس، ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﺸﻴﻦ ﻭ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻟﻤﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﻳﺔ، ﻭ يشاركون ﻓﻲ ﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻻﺷﻬﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﺗﺼﺤﻴﺤﻬﺎ وما إلى ذلك من مهام تربوية وإدارية.

لا شك أن هذه الوضعية الملتبسة والشديدة التعقيد ، بل والمتردية التي يعاني منها التكوين الاساسي لأطر التعليم، و يعاني منها خريجو الكليات ومؤسسات التكوين والتي يرى فيها العديد من المهتمين، إرادة مبيته لتصفية المدرسة العمومية، تؤثر سلبا ليس فقط في الإعداد العلمي والتربوي للمدرسين وغيرهم من العاملين في القطاع ، بل وفي معنوياتهم وأدائهم ، وفي أداء منظومة التربية والتكوين برمتها ، ويعيق تنفيذ مشاريع واستراتيجيات إصلاحها والتي ما زالت تتعثر في البحث عن طريقها السوي.

محمد الدريج / أستاذ بكلية علوم التربية

إرسال تعليق

0 تعليقات