ملاحظات أولية حول رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي

ملاحظات أولية حول رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
جريدة التربية ::: ملاحظات أولية حول رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
جريدة التربية

جريدة الاتحاد الاشتراكي - محمد أيت واكروش
بتاريخ الاربعاء 11 يناير 2017

ملاحظات أولية حول رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي..

في الوقت الذي كان فيه الشعب المغربي ينتظر إصلاحا حقيقيا في قطاع التعليم يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، يقوم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وفي ظرف سياسي ملتبس تتحمل فيه المسؤولية حكومة تصريف الأعمال بإصدار رأيه حول ما سمي مشروع "قانون إطار" حول إصلاح المنظومة التربوية وهو الرأي الذي تضمن إعلانا شبه رسمي عن إلغاء مجانية التعليم، وفي هذا السياق سجلنا مجموعة من الملاحظات الأولية أجملناها في ما يلي:

لقد أعد هذا المجلس الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية 2015 – 2030 وسلمها إلى رئيس الدولة الذي سلمها إلى رئيس الحكومة ليحولها إلى مشروع قانون إطار ضمانا لإلزامية تطبيق الإصلاح لكن خلافا للفصل 49 من الدستور الذي يحيل بدوره على مقتضيات الفصل 71 الفقرة الثانية التي تنص على أن القوانين الإطار يتم البث فيها في مجلس الوزراء قبل إحالتها على البرلمان، قام رئيس الحكومة بإحالة المشروع على المجلس الأعلى وبذلك يمكن الحديث عن مسودة وليس مشروع قانون إطار وهو خرق مسطري مكشوف.

وتمثل الخرق المسطري الثاني في قبول المجلس الأعلى مناقشة هذه المسودة خلافا لما تنص عليه المادة 2 من القانون 105.12 المنظم لإشغال المجلس الأعلى والتي تؤكد على أن المجلس يبدي رأيه لفائدة الحكومة والبرلمان بشأن مشاريع ومقترحات القوانين والقوانين التنظيمية والنصوص التنظيمية التي يعرضها عليه رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين حسب كل حالة لا سيما مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، لقد وضع المجلس الأعلى بمناقشة هذه المسودة وليس المشروع نفسه كشريك للحكومة في صناعة السياسة العمومية والقطاعية وفي بلورة قرار سياسي يهم ثاني قضية بعد قضية الوحدة الترابية.

على إثر ما سبق تحول النقاش من نقاش حول مضمون رأي المجلس إلى نقد ومحاسبة المجلس الذي سقط بذلك ضحية حكومة تملصت بنوع من التحايل من مسؤليتها السياسية واختبأت وراءه لتمرير اختياراتها وبالتالي مست في العمق دوره كمؤسسة للحكامة ينحصر دورها في إبداء الرأي كما مست استقلاليتها المضمونة دستوريا.

رغم صدور البلاغ التوضيحي للمجلس الذي أكد على ضمان مجانية التعليم الإلزامي في الأسلاك الثلاثة الأولي والابتدائي والإعدادي وسكت عن التأهيلي والعالي بما يعكس اعترافا بضرب المجانية في هذين المستويين، فقد تدخلت وزارة الداخلية بفعل الهاجس الأمني من خلال عقد الولاة والعمال لاجتماعات مع جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ مع استدعاء النقابات في حالات معدودة من أجل الإعلان وفي تناقض صارخ مع البلاغ التوضيحي للمجلس أن مجانية التعليم قرار لا رجعة فيه.

وحتى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي برأيه في نونبر 2016 حول ماسمي مشروع قانون إطار يتناقض مع رأيه في أبريل 2015 بعد مناقشته للقانون 00.01 والذي أكد فيه أن الاستفادة لا يجب أن تتحدد بالقدرة على الأداء.

إن استهداف مجانية التعليم جزء من مخطط تخريبي للحكومة السابقة تطور بشكل سريع بعد تفعيل المادة 165 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2011، حيث تقررت إعفاءات هامة للتعليم الخصوصي سواء المقررة بالمدونة العامة للضرائب أو بمدونة جبايات الجماعات المحلية، وتركز هذا التوجه سنة 2014 بتصريح رئيس الحكومة بأنه حان الوقت لكي ترفع الدولة يدها عن مجموعة من القطاعات الخدماتية مثل الصحة والتعليم وينبغي أن يقتصر دور الدولة على منح العون للقطاع الخاص الراغب في الإشراف على هذه الخدمات، وتطور سنة 2015 بصدور المرسوم 588.15 القاضي بفصل التكوين عن التوظيف، والشروع في تكوين 10 آلاف إطار تربوي وازداد تطورا في فبراير 2016 بتصريح محمد الوفا الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكومة خلال افتتاح المعرض الدولي لصيادلة الجنوب بأنه لم يعد بمقدور الحكومة توفير حاجيات قطاعي الصحة والتعليم وتحمل نفقاتهما، وتعمق هذا التوجه بصدور المرسوم 2.15.770 بتاريخ 19 غشت 2016 القاضي بتحديد شروط وكيفية التشغيل بموجب عقود والذي على أساسه تم توظيف 11 ألف مدرس بالعقدة.

ضرب مجانية التعليم بداية برفع الدولة يدها عند دورها الاجتماعي وإزاحة المدرسة العمومية وضرب مكانتها الاعتبارية من أجل إتاحة الفرصة لصالح تغول القطاع الخاص.

تعني المجانية في مدلولها تحمل الدولة مسؤولية مصاريف اللباس والإطعام المدرسيين والكتب والأدوات المدرسية وحتى صيغة المجانية المعمول بها حاليا مصدرها الضرائب التي يؤدي الموظفون 80 في المئة ويتملص آخرون من أداءها وأي ضرب للمجانية سيؤدي إلى إجبار الموظفين على أداء مضاعف لمصاريف تدريس أبناءهم.

لا يستقيم ربط الحديث عن المجانية بالحديث عن التضامن الوطني دون إحداث ضريبة على الثروة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

إرسال تعليق

0 تعليقات