نشر أساتذة لهفوات تلاميذهم على فيسبوك .. استهزاء أم استجلاء؟ |
هسبريس
بتاريخ السبت 28 يناير 2017
"قال أحد تلامذتي.. "، "في حصة اليوم قام تلميذ بـ.."، "تدخلت إحدى التلميذات فقالت.." "هكذا أجابت تلميذة عن سؤالي.." وغيرها من تدوينات بعض رجال التعليم المغاربة على فيسبوك.
تدوينات يومية تملأ الفضاء الأزرق، تسُوقُ مواقف المتعلمين في المدارس المغربية، بعضها عبارة عن صور لأوراق امتحانات إشهادية وغير إشهادية، إجابات شفهية أثناء الدرس لتلاميذ، ينقلها عنهم أساتذتهم، وينشرونها بصيغهم على صفحات فيسبوك، فتصبح محل تقييم زوار من مهن مختلفة، وأحيانا محل تندّر وسخرية مما يسميه غالبية المعلقين "المستوى الذي وصل إليه التعليم".
قصصٌ عن "أخطاء" تلاميذ ومواقف طريفة لمتعلمين، ينقلها أساتذتهم من الفصل المغلق نحو عالم مفتوح، وهو ما يجعل تصرفاتٍ طبيعية لأطفال يتصرفون في حقهم الطبيعي في الخطإ داخل حجرات الدرس موضوعَ تقييم من لدن مجموعة من الأشخاص بمختلف مشاربهم وتكويناتهم المهنية.
وإذ تختلف الرؤى، بين من يعتبر هذا الأمر شيئا إيجابيا، ومن يعتبره أمر ممنوعا، نستحضر هنا رأييْن متعارضين لتسليط المزيد من الضوء على الموضوع.
استهزاء وسخرية
يقول الأستاذ مصطفى المودن "لا يحق نشر ما لا يليق عن التلاميذ من داخل المدرسة، أقصد ما يسيء إليهم، وما يُظهرهم في مواقف هزلية أو مضحكة، والأصل هو أن التصوير ممنوع داخل المؤسسة التعليمية بفعل القانون، ولا يحق ذلك سوى بترخيص من الجهات المختصة، لكن مع التطور التقني أصبح ذلك ممكنا في كل لحظة، وأصبح متاحا نشره على نطاق واسع من خلال شبكة الأنترنيت".
المودن، الذي يشتغل أستاذا للتعليم الابتدائي، زاد، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "نشر مواقف كهذه يفترض فيها أنها طريفة، يكون مضرا ومسيئا ويجب محاسبة فاعلها، بحيث كان عليه التدخل من جانبه في نطاق اختصاصه للحد من ذلك، كعدم القدرة على القراءة، أو سوء النطق. وأن يتعاون مع غيره في حدود الممكن كالفريق التربوي، مجلس القسم، والإدارة، لإيجاد الحلول للمشاكل، وليس لنشرها وجعلها محط ضحك واستهزاء وسخرية، ولو تم إخفاء الهويات والملامح".
من جانب آخر، يُردف المتحدث نفسه أنه "يمكن استغلال المستجدات التقنية والتواصلية لإبراز مشاكل التعليم ومعوقاته وصعوباته، وطرح البدائل والحلول من لدن هيئة التدريس والإدارة وغيرها، ولا أعتقد أنه يجب انتظار "تراخيص" للتعبير عن ذلك بالصورة والكلمة والكتابة".
ويواصل بقوله: "من الواجب كذلك إبراز ما هو إيجابي من إبداعات واجتهادات وحلول يتم التوصل إليها، ونشرها، وذلك يعني انفتاح المدرسة على محيطها، بحيث لا تبقى حصنا محصنا لا يعرف المواطنون عموما ما يجري فيها"، مؤكدا في الوقت نفسه تفضيله "أن ينشر مدرسون شيئا عن تجاربهم؛ لكن يجب أن يتجنبوا ما أمكن نشر صور المتعلمين، لأن ذلك ممنوع قانونيا باعتبارهم قاصرين".
النشر دعوة إلى تنبيه المسؤولين
موقف المودن لا يتفق معه جواد حنافي، الأستاذ والباحث في شؤون المدرسة المغربية، والذي يصرح في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية بأنه "قد يُنظر إلى نشر صور إجابات المتعلمين باعتباره استهزاءً أو استخفافا أو ضحكًا وسخريةً، أو غير ذلك، وقد يكون ذلك وارِدًا، ولكنَّه مرجوحٌ، إذا نظرنا للمسألةِ في عُمقهَا وشُموليتها".
ويستطرد حنافي "لكن الراجح عِندي هو تنبيه الأساتذة، المسربين للإجابات المضحكة المبكية، لوزارة التربية الوطنية إلى المهزلة التي تسببت فيها سياسةُ دعهُ يمرُّ ودعهُ ينجحُ"، موضحا "كان في الإمكان الاشتغال على ما يُنشر من إجابات المتعلمين المُسربةِ المضحكة المبكية بيانًا لأسبابها، وتحليلا لعناصرها، واستنطاقا لها، من أجل النهوض بالمنظومة، والوقوف عند الداء الذي نعرفهُ جميعًا".
ويزيد حنافي "لن أقول كما يقولون ينبغي للأستاذ أن يبدع ـ ينبغي له أن يفكر في الحلول وينبغي له كذا وكذا، وهيَ نظرية مختزلة للمشهد التعليمي التعلميِّ في المُدرس. نظريةٌ تحمل الأستاذ كل مطباتِ المدرسة المغربية، بل أتّجهُ رأسا لأقول ينبغي بناء المدارس بالعدد الكافي، كما ينبغي التوظيف بالعدد الكافي، لاستقبال الأعداد الكبيرة والمتزايدة التي يُدفع بها دفعا تحت لواءِ محاربة الهدر المدرسي والاحتفاظ بالمتعلم في المدرسة، كما ينبغِي أن لا ينجح إلا من يستحق النجاح".
ويعتقد المتحدث، في تصريحه، أن" إشهار ورقة التحرير، التي تتضمن إجابة عجيبة أو غريبة، هو رسائل تحذيرية من مُدرس إلى مسؤولٍ وصيٍّ على القطاع. ربما يتخيَّلُ المُدرس أنَّ المَسؤولَ غيرُ واعٍ بالوضعِ"، لافتا إلى أنه يقصد "الوضع الكارثي الذي وصلت إليه المدرسةُ، فتكون الصَّورُ المسرَّبة، لإجابة تلميذة أو تلميذ، صادمةً ومحطَّ دهشةٍ تدعو السيدَ المسؤول إلى القيام بما يجب كما يجبُ على عجَلٍ"، حسب تعبير حنافي.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليقات