جريدة التربية ::: تحديات كبرى تواجه خدمة النقل بالمدارس الخاصّة .. مراكش نموذجا |
جريدة التربية
نقلا عن : هسبريس - إبراهيم مغراوي
الأحد 16 أبريل 2017
إذا كان النقل المدرسي للتعليم الخصوصي في ظاهره خدمة في صالح التلاميذ وأوليائهم، فإنه تحول إلى معاناة لما يعتريه من سلبيات كثيرة ونقائص عديدة تتراكم؛ منها توقف محركات بعض العربات التي تخصص لهذه المهمة، والسرعة المفرطة لبعض سائقيها، وحوادث السير الناجمة عن ذلك عديدة، زد على كل ذلك تكديس الأطفال داخل تلك المركبات في وضعية تمس الكرامة.
هذا الوضع السلبي يدفع إلى طرح استفهامات كثيرة من قبيل: ألا يمكن التفكير في تفويض أسطول النقل المدرسي لشركة تقوم بتدبير شؤونه؟ ولماذا لا يمكن التفكير في تفويت هذا القطاع للشباب الباحثين عن الشغل؟ أسئلة وأخرى يسعى هذا الاستطلاع إلى مقاربتها من خلال الانفتاح على آراء مهنيين وجمعويين ومسؤولين.
بالرغم من المصاريف التي تتكبدها الأسر المتوسطة من أجل إلحاق أبنائها بالتعليم الخصوصي في سبيل الحصول على تمدرس أفضل ونقل أكثر يسرا عبر وسائل مناسبة تتوفر فيها السلامة المرورية، فإن الواقع يشهد بعكس ذلك؛ وبملاحظة بسيطة يرصد أن حافلات النقل المدرسي تحول شوارع مراكش إلى ساحة للسباق، بالرغم من وجود أطفال أبرياء على متنها، كدسوا بداخلها تكديسا يخدش الإنسانية.
مشاكل عربات النقل المدرسي للتعليم الخصوصي تنسحب كذلك على وضعية السائقين الذين يعانون من أجور هزيلة، وأكثرهم محروم من التغطية الصحية، يقول سائقون طلبوا من هسبريس عدم ذكر أسمائهم، مشيرين إلى أن ما يقوم به بعضهم من سياقة جنونية ناتج عن ضغط خارج عن إرادتهم؛ فـ"نحن بين مطرقة إدارة المؤسسة وبين معاملة بعض الآباء لنا باحتقار"، حسب تصريحات متطابقة من مقاطعات عدة بمدينة مراكش.
عمر (هـ)، سائق بإحدى المدارس الخصوصية بمقاطعة سيدي يوسف، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن "سيارات النقل المدرسي بمدينة مراكش تعرف عدة تجاوزات؛ من جملتها الفحص التقني الذي يخضع لمنطق العلاقات الخاصة بين بعض مراكز الفحص وبعض أصحاب المؤسسات التعليمية، بالرغم من الحالة الميكانيكية للحافلات تلوح ناقصة". ويزيد: "أحيانا نعمل، بالرغم من انتهاء مدة الفحص بأسابيع وشهور، ما دامت هناك علاقة مع السلطات؛ وخو ما يجعل المشاكل تزداد على حساب المواطنين والتلاميذ بالدرجة الأولى".
وأكد المتحدث ذاته أن "بعض أرباب المؤسسات يفرضون نقل أكثر من العدد المسموح به قانونيا، بشكل يتجاوز ما تحدده العقدة المبرمة مع شركة التأمين، التي تنص على أن لا يتعدى عدد التلاميذ 35 تلميذا في الحافلة، فيما ننقل نحن أزيد من 40 طفلا".. بتعبيره
ولفت السائق الانتباه، من خلال التصريح نفسه إلى أن "كل ذلك في ظل ما نعانيه من وضعية اجتماعية ومادية مزرية؛ فمعظمنا محروم من الضمان الاجتماعي. ومن يستفيد منه لا يؤدى عنه سوى مدة 17 يوما في الشهر، بينما المدة القانونية 26 يوما"، عن لسانه.
خلال جولة عمت مجموعة من المدارس الخصوصية، جرى استيقاء آراء بعض تلاميذ السنة الثانية باكالوريا عايشوا تجربة النقل المدرسي، فأكدوا أن مشاكل عدة عانوا منها خلال المرحلة الابتدائية والإعدادية، خاصة خلال فترات الذروة وصيف مراكش الحار؛ فـ"الانتظار الطويل للحافلة والتوقف المتكرر وخط سيرها لمناطق عدة تتباعد جغرافيا، وتكديسنا بشكل كلها ذكريات يؤلمنا"، تقول تصريحات متطابقة للمعنيين.
الوضع السابق ذكره دفع مجموعة من مؤسسات التعليم الخصوصي إلى التخلص من النقل المدرسي، التي تحقق أرباحا عالية، يوضح مصدر مسؤول من المديرية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش أسفي لهسبريس، فيما لا تزال مدارس أخرى تحتفظ به كمصدر مالي إضافي؛ وهو ما خلق للآباء والأولياء الذي يوجدون في مناطق بعيدة عن المدرسة التي اختاروها لفلذات أكبادهم مشكلة عويصة، خاصة أن معظمهم مرتبط بتوقيت مهنهم، الذي يفرض الالتحاق ابتداء من الساعة الثامنة والاستمرار في العمل إلى حدود الساعة الرابعة أو السادسة.
"أمام تخلي مجموعة من مدارس التعليم الخصوصي عن النقل المدرسي، واستعداد الآخرين لذلك، وما يخلق هذا الأمر للأسر من مشاكل جمة تهم نقل أبنائهم إلى المؤسسات التي يتابعون بها دراستهم، فتحت وزارة النقل والتجهيز إمكانية النقل المدرسي لحساب الغير"، يقول مصطفى لطرش، المندوب الإقليمي لوزارة التجهيز والنقل؛ لكنها غير معروفة لدى العموم. ويورد المندوب عينه أنه: "في سياق فكرة تشجيع الاستثمار، ومن أجل تقليص نسبة البطالة، شرعت الوزارة المذكورة قوانين تنفتح على شركاء من خارج قطاع التعليم الخصوصي، وذلك وفق شروط ومعايير مهنية محددة".
"من يفترض فيه نقل الأطفال يجب أن تتوفر فيه المهنية ونبل الأخلاق سواء أكان شركة أو مدرسة"، يقول أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت؛ لأن "ما جرت به العادة لدى أرباب المدارس لا يمت بصلة إلى المواطنة، واحترام آدمية الطفل لأن معظمهم يعتبره سلعة ووسيلة لتحقيق غاية مادية صرفة"، حسب تعبيره.
وأورد رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت، ضمن تصريح لهسبريس، أن "بعض السائقين يقومون بنقل أبنائنا بسرعة جنونية؛ وهو ما يفرض أن تسند مهمة قيادة الحافلات على دفتر تحملات، يضمن عناصر السلامة الأمنية والصحية للأطفال، كالمهنية والكفاءة لدى السائق". من هنا، يدعو الشهبوني إلى "تشديد المراقبة على هذا النوع من النقل أكثر من غيره لأنه يحمل أطفال أبرياء، وإسناده إلى من يملك خبرة ومعايير الجودة، لتجاوز ما يعانيه النقل المدرسي من سوء التدبير، من مشاكل وأخطار وخروقات"، وفق تعبير المتحدث.
0 تعليقات