جريدة التربية ::: 10.000 إطار تربوي خريجو المدارس العليا للأساتذة: طاقات مهدورة الحقوق والوظيفة |
جريدة التربية
الكاتب : اسماعيل الخلوفي
الأحد 16 أبريل 2017
نعلم جميعا أن المدارس العليا للأساتذة قد أوكلت إليها مهمة التكوين البيداغوجي والديداكتيكي بعد أن سُحِبت منها مهمة تكوين الأساتذة. ولذلك عملت هذه المدارس على إحداث إجازات مهنية وماسترات (عامة أو متخصصة) مرتبطة بالتربية والتكوين.
في هذا السياق نود التعريف بأطر البرنامج الحكومي عشر الاف خريجو المدارس العليا للأساتذة والكفايات التي تكونها لدى الطالب المجاز وأثر ذلك الفعال على مهنة التعليم. الجدير بالذكر أن هؤلاء الطلبة المجازين موجهة مباشرة نحو ديداكتيك المواد وآليات الممارسة التربوية والبيداغوجية كما جاء في بنود الاتفاقية الاطارالمبرمة بين مختلف الوزارات و رئيس الحكومة صاحب المشروع ، وهو الشيء الذي يمنحها أعلى قيمة علمية ويؤهل حاملها لأن يكون إطارا مؤهلا لمزاولة مهنة التدريس على أكمل وجه.
وفضلا عن الجانب الديداكتيكي والتربوي يتميز المشروع الحكومي لتكوين عشر الاف إطار تربوي ، إذ يُعَلم الطالب كفايات منهجية (تقنيات ومناهج إبستيمولوجية لدراسة ومقاربة المادة المعرفية) ومعرفية (العودة إلى النصوص والمصادر المعرفية الأصلية ودراستها وتمحيصها) متعمقة تنظم المعارف المشتتة التي اكتسبها بسلك الإجازة. وهي كفايات أساسية تميز الطالب الحاصل على شهادة اجازة الثانية تحت اسم الإجازة المهنية في مهن التدريس من هذه المدارس . وبدون هذه الكفايات يصعب على الأستاذ أن يصل بالمتعلم إلى مستوى الاستقلالية في التفكير والقدرة على التعلم الذاتي مدى الحياة كما ينص على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فالأولى أن يتوفر عليها الأستاذ نفسه (وهذا ما يتحقق لدى الإطار التربوي ).
لذلك فالإطار التربوي يتوفر على كفايات متميزة ومتطورة جدا تؤهله لأن يصبح "أستاذا ناجحا"، ذلك الأستاذ الذي يحلم به النظام التعليمي بالمغرب. فكفاية البحث التي يكتسبها الطالب بهذه المدارس والعودة إلى أصول المادة المعرفية المتخصص فيها تمكنه حتما من بلوغ العنصرين الأساسيين المطلوبين توفرهما في المدرس حاليا، وهي التي حددها أولفيي روبول في كتابه « Qu’est-ce qu’apprendre » كالتالي:
1- معرفة ما يدرسه.
2- معرفة كيف يدرسه.
بالنسبة للكفاية الأولى هي التي نسميها كذلك "التمكن من مادة التخصص"، وتساهم الدراسات التعمق في منح الطالب مناهج لتنظيمها وترتيبها وبنائها من جديد. وهو الشيء الذي يجعلها مادة معرفية منظمة ومؤسسة وليست معارف مشتتة، وهذا يقودنا للكفاية الثانية التي تتعلق بكيفية التدريس. صحيح أن المقصود بذلك آليات التنزيل الديداكتيكي والبيداغوجي، وهو جانب لا تغفله مدارس العليا للأساتذة. لكن تنزيل المادة المعرفية لا يتم بشكل ميكانيكي بل يجب أن يتوافق مع طبيعة تلك المادة المعرفية، مما يجعل هذا الأمر صعبا على غير المتخصص والمتعمق. وهذه إشكالية ما زالت مطروحة في ظل المقاربة الجديدة المعتمدة (أي المقاربة بالكفايات)، مما جعل نظار علوم التربية يشجعون على البحث والإبداع من داخل مادة التخصص من أجل تفعيلها. ولهذا قد يفلح خريج المدرسة العليا للأساتذة ( الإطار التربوي) دون غيره في مسايرة هذه المقاربة الجديدة نظرا لما امتلكه من قدرات إبداعية في المقاربة والبحث.
ومن خلال التوضيحات المختصرة السالفة لا يخالنا شك في أن تكوين أطر البرنامج الحكومي عشر الاف يؤهل فعلا أطرا تستجيب لتطلعات المنظومة التعليمية المغربية سواء تعلق الأمر بالشق النظري والمنهجي (المادة المعرفية) أو بالشق التطبيقي والعملي (لأن طلاب المدارس العليا يجتازون كذلك تداريب مصغرة مستقلة أو في إطار المواد أو في مؤسسات تعليمية أخرى ).
وأمام كل هذا نجد للأسف غياب تصور واضح لوزارة التربية والتكوين المهني تجاه مصير هذه الفئة من الأطر وحقوقها وامتيازاتها في الإدماج واجتياز مباريات التعليم، وهو الأمر الذي يتسبب في هدر طاقات ذات كفايات متطورة تستطيع تنزيل مبادئ وغايات الفلسفة التربوية بالمغرب وتحقيق المواطن المنشود.
بقلم اسماعيل الخلوفي - باحث جامعي
0 تعليقات