جريدة التربية ::: الغشّ في امتحانات الباكالوريا يسائل جدوى "عقوبات حصاد" |
جريدة التربية
نقلا عن : هسبريس - محمد الراجي
الخميس 08 يونيو 2017
في مقطع فيديو على شبكة الأنترنيت غداة إجراء أولى اختبارات الدورة العادية لامتحانات شهادة الباكالوريا برسم الموسم الدراسي 2016/2017، لم يجد تلاميذُ أدنى حرج في الاعتراف بأنهم لجؤوا إلى "النّْقيل"، من أجل الإجابة عن أسئلة أوراق الامتحان.
تقول تلميذة عن الظروف التي جرى فيها الاختبار: "الحراسة كانت مْزيانة، طلقو اللعب وحْرّْزنا"؛ في حين شكا زميلها من تشديد إجراءات الحراسة، وقال بمنتهى الثقة في النفس: "ما خلاونا نقلوا ما والو، خاصهم يديرو هاكا وهاكا، حنا غي رمضان هذا"، وكأنَّ الغش في الامتحانات أضحى حقّا مشروعا.
خلال السنوات الأخيرة استفحلت "ظاهرة" الغشّ في الامتحانات، خاصّة مع تنامي استعمال وسائل التواصل الحديثة؛ وبالرغم من أنّ الوزارة الوصية على القطاع كثّفت الإجراءات الرامية إلى الحدِّ من الغش في الامتحانات المدرسية، فإنَّ هذه الإجراءات لم تضع حدّا لهذه "الظاهرة".
وزارة التربية الوطنية ذكّرت التلاميذ، في بلاغ قبل انطلاق امتحانات الباكالوريا، بمنطوق القانون رقم 02.13 المتعلق بمحاربة الغش في الامتحانات المدرسية وبالعقوبات التي ينص عليها؛ لكنّ التلاميذ استمروا في تحدّي الوزارة، وهو ما يطرح سؤال جدوى المقاربة الزجرية لمعالجة إشكالية الغش في الامتحانات المدرسية.
إدريس الحاتمي، مستشار التوجيه التربوي، يرى أنّ اعتماد المقاربة الزجرية لا يكفي كمدخل وحيد للحد من الغش في الامتحانات المدرسية، لافتا إلى وجوب اعتماد مقاربة شمولية ومتعددة المداخل والأبعاد، تقوم على المقاربة القانونية والمقاربة التربوية المعتمدة على التربية على القيم والأخلاق والمقاربة التوعوية القائمة على شكل حملات تحسيسية بكل الوسائل.
وأضاف المستشار في التوجيه التربوي أنَّ أوّل مدخل ينبغي التركيز عليه هو المدخل التوعوي؛ وذلك بالقيام بحملات توعوية عن طريق الإعلام بطريقة احترافية تلامس أفكار المتلقي ومشاعره، فضلا عن حملات تحسيسية تقوم بها فعاليات المجتمع المدني نظرا للثقل الذي أصبحت تلعبه الجمعيات، خاصة الجمعيات المتخصصة في الشأن التربوي.
إضافة إلى التوعية والتحسيس، يؤكد الحاتمي على ضرورة التربية على القيم الأخلاقية بشكل مستعرض بين جميع المواد المدرّسة، بخلاف ما هو جار به العمل حاليا، حيث تقتصر فقط على مادة التربية الإسلامية، لافتا إلى أنَّ مقاربة محاربة الغش في الامتحانات المدرسية يجب أن تكون مقاربة تربوية اجتماعية شمولية ومستدامة، تنطلق من مؤسسة الأسرة وتمتدّ إلى باقي المؤسسات وباستعمال كل الوسائل المتاحة.
وعشية انطلاق الدورة العادية لامتحانات الباكالوريا برسم السنة الدراسية الجارية، سألت هسبريس محمدا حصاد، وزير التربية الوطنية، حول ما إن كانت وزارته تفكر في اعتماد مقاربات موازية للمقاربة الزجرية، خاصة المقاربة التحسيسية، فكان جوابه: "حتى السارق واخا تعيا ما توعي فيه غادي يسرق لا ما خافش من القانون"، مضيفا "إيلا ما طبقناش القانون ألف واحد اللي حصلوا كيغشّو في الامتحان الجهوي هاد العام غادي يوليو 15 أو 20 ألف مستقبلا".
وتبدأ العقوبات التي ينص عليها القانون 02.13 بمنح نقطة 0 في المادة التي تمت فيها ممارسة الغش، وإلغاء جميع مواد الدورة المعنية، إلى الإقصاء من اجتياز الامتحان لمدة سنتين دراسيتين متوليتين.
وفيما لا يزال الغشّ منتشرا في أوساط التلاميذ، بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الوزارة الوصية على قطاع التربية، يرى إدريس الحاتمي أنَّ التعاطي مع إشكالية الغش في الامتحانات المدرسية لا يجب أن يكون ذا طابع موسمي.
وأوضح المستشار في التوجيه التربوي أن "المقاربة التوعوية يجب ألا تقتصر فقط على موسم الامتحانات كأنَّ "ظاهرة" الغش مرتبطة فقط بفترة الامتحانات؛ بل يجب أن نتعامل معها على أنها إشارة إلى ما هو أكبر، أي الغش بكل تجلياته في المجتمع المغربي".
0 تعليقات