عرض قيم حول تقنيات التنشيط

عرض قيم حول تقنيات التنشيط
جريدة التربية ::: عرض قيم حول تقنيات التنشيط
جريدة التربية
عرض مفصل حول تقنيات التنشيط ... جريدة التربية jarida-tarbiya.blogspot.com
جريدة التربية .. عرض قيم حول تقنيات التنشيط 

استهلال:

يلعب التنشيط دورا هاما في الحياة المدرسية، إذ يعد الأساس الداعم للفعل التعليمي التعلمي في المدرسة المغربية بمفهوم التفعيل، ويعد مكونا من مكونات بنية هذا الفعل من منظور الممارسة الميدانية، ذلك أنه وسيط بيداغوجي فعال في مقاربة المواد الدراسية؛ حين يحمل تلك المواد إلى المتعلم في شكل مقاربات متنوعة وهادفة. كما أنه جزء من مكونات بنية المادة الدراسية حين يكون مستهدفا بالتدريس. لذا اعتمدته البيداغوجيا الجديدة منهجا وموضوعا للتدريس في نفس الوقت. مما يجعل الفعل البيداغوجي حيويا. ينبض بالحياة؛ فمسرحة درس التاريخ جزء من بعث زمانه ومكانه إلى الحياة، والوقوف على معطياته التاريخية السياسية والاقتصادية والإيديولوجية والاجتماعية والثقافية والدينية... وملابسات سلبياته وإيجابياته. كما أن تكنلجة مادة الفزياء أو العلوم الطبيعية حين التدريس يحرك المتعلم ويبعث فيه الحيوية والنشاط بدل الإلقاء الذي يحيل الدرس إلى جماد وجمود وسكون، بل يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعقيد المادة وتصعيبها على المتعلم.

ومن هذه الحيوية والفعالية التي يبعثها التنشيط في التدريس؛ أصبح هذا الأخير مناط طرق التدريس الحديثة ومحط اهتمامها دراسة وطلبا واستجلابا لقاعة الدرس، وتفعيلا فيها؛ لأنه وسيط حي مجدد لنشاط وحيوية المتعلم. يمكنه من مجموعة من الكفايات والقدرات والمهارات، التي تقدر المتعلم على ممارسة التعلم في المدرسة وخارجها. ويدعم مكتسباته ويراكم خبراته بما يضمن تخزينها في ذاكرته بعيدة المدى، التي يستدعيهخا كلما طلبت الحاجة إلى ذلك. لأن التخزين يتم بواسطة مفاتيح ضابطة لإشعال الذاكرة والاسترجاع. فمثلا التلميذ الذي يدرس درس الفلسفة بواسطة المناظرة والحجاج بين الفيلسوف ومحاوريه أو ناقديه لن ينسى الدرس، بل يمكن أن يستدعي حيثيات الدرس من خلال مفاتيح معينة استدمجت في دخل الذاكرة. فمثلا يقول: لقد رد الفيلسوف الفلاني على منتقديه لما كان يحاورهم في المقهى. فالمقهى تشكل مفتاحا هنا للتلميذ، يشعل به الذاكرة ويستدعي به حيثياث المقام ومضمون المال. وهكذا مع مختلف آليات التنشيط، التي توظف في التدريس. ومنه أمسى التنشيط اليوم رامزا للتفعيل والتفاعل والحيوية في الفعل البيداغوجي. فكل فعل تدريسي يفتقد للتنشيط؛ فهو فعل ميت سكوني لا حركة فيه. يستدعي التكبير ...

والمبرمج التربوي المغربي واع بأهمية التنشيط منذ زمن بعيد، غير أنه تركه للتطوع والهواية في مرحلة ما قبل الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وفي المرحلة الحالية مع هذا الميثاق نقله من التـطـوع إلى الإلـزامية، وأبقاه ـ مع الأسف ـ في دائرة الهواية دون الاحتراف. وما الاحتراف إلا تخصيص التنشيط بمادة مستقلة لها برنامجها المقرر ومساحتها الزمانية وقادرها الممارس، المكون خصيصا للتنشيط، وأرضيتها اللوجستكية؛ التي تسمح بممارسة التنشيط داخل المدرسة المغربية. واعتمد في هذه النقلة النوعية، التي أصبغت على التنشيط أهمية قصوى في عشرية التربية والتكوين على مرجعيات أدبية وفلسفية وقانونية مختلفة نذكر منها:

أولا: 

طبيعة الإنسان التي تميل في عمقها إلى الاجتماع والتواصل مع الآخر، ضمن مدنيته الموجبة لتبادل المصالح والمنافع القائمة على التعاون والتآزر والاختصاص والتخصص. من حيث أن الإنسان لايمكنه القيام بجميع أنشطته بنفسه، والإلمام بها في نفسس الوقت، وخصوصا في عصرنا هذا. ذلك ( أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته .. فلابد من اجتماع القدر الكثيرة من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم ) ، وهذا ما يدعو إلى الانفتاح على خبرات الآخر، وعلى إمكانياته، وعلى عطائه. فالناس في كليتهم تنشأ الحضارة وتتعدد مناحيها، وتتنوع منجزاتها، وفي مدنيتهم ينشأ التنشيط والتحفيز بحكم تنوع طبيعتهم النفسية، وقدراتهم العقلية، وطاقاتهم الجسمية، وإبداعاتهم الفردية. وفي ظل اجتماعيتهم يحتاج الفرد للآخرين، وتنمو مطالبه إلى ما عند الآخرين من منطلق اختلاف المكتسبات والقدرات والكفايات...

ثانيا: 

تطور المجتمع الدولي نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي، الذي أفضى إلى طلب مستجدات سلوكية وقدرات وكفايات وأنماط متنوعة من المفاهيم التي تدل على الفكر الجمعي والمؤسساتي، الذي هو الآخر يتطلب مفهموم التعاون والتآزر،، والتضامن من أجل الإنجاز... وغدا استعمال الضمير " أنا " دالا على قصور في الفكر الاجتماعي الحديث للمتكلم بهذا الضمير. وأصبح الحديث بالضمير " نحن " عنوانا لفكر اجتماعي حداثي منسجم مع تطلعات المجتمعات العصرية، ومسايرا لفكر المجتمع المدني الذي يروج للفكر التضامني الجمعي. ذلك أن اليابان مثلا حاصرت المبادرة الفردانية ( Individualism ) وشجعت المبادرة الجماعية ( Collectivism )؛ مما يستوجب التنشيط وطرق التنشيط من قبل الفرد ليعمل داخل الجماعة. فهي ـ أي اليابان ـ تأكد ( على التعلم الجماعي وحل المشكلات. فجزء كبير من وقت التلميذ سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه يخصص للدراسة الجماعية. ويتعلم التلميذ مهارات التعلم الجماعي وحل المشكلات والحساسية لزملائه والحد من أنانيته من خلال المشروعات والرحلات الجماعية، وتنظيم الفصل الدراسي، والأنشطة الجماعية الوثيقة الصلة التي تستمر فيها عضوية الفرد عدة سنوات. وهناك شعور عنيف بالفخر بإنجازات الفريق أو الجماعة ينتشر في الثقافة كلها. وأكثر المحكات أهمية في تقدير نوع العمل للترقية الدورية هو القدرة على العمل مع الآخرين بانسجام ) .

وهذا التطور الحاصل في المجتمع الدولي، يتطلب أكثر من أي وقت مضى التعامل مع الجماعة؛ لأنها أصبحت البنية الأساسية في العمل. أو المؤسسة الاجتماعية الأكثر قابلية للتداول، مما يعني زيادة الطلب على التنشيط؛ لكونه المدخل لاكتساب طرقه وأساليبه وأدواته وخططه، خاصة من واقع ممارسته. ولهذا فإنه غني عن التذكير بتفاصيل أهميته في الفكر الجمعي الحديث...

ثالثا: 

روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين المبنية على:

أ ـ كون الميثاق الوطني للتربية والتكوين نتاج عمل جماعي، تطلب مجهودا كبيرا في تنشيط اللجنة الخاصة به، وكونه تعبيرا واضحا عن الفكر الجماعي المؤسسة على التوافق السياسي والمذهبي والديني والثقافي بغض النظر عن تحفضاتنا عليه. فهو تطلب تعاضد الكفاءات للخلوص إلى نتاج معبر عن اللجنة.

فالميثاق نفسه يتضمن روح الجماعة وتآزرها نحو الخلوص إلى موقف منسجم معبر عن مختلف الرؤى. وهو يظهر من هذه الناحية أهمية التنشيط وكيفية إدارته من أجل التوافق. وبذلك كان عنوانه الكبير المعبر عن ضرورة امتلاك مجموع أفراد اللجنة مفهوم التنشيط والعمل على تفعيله اتجاه بعضهم البعض، فصد الإقناع والتوافق في المواقف والاتجاهات...

ب ـ كون الميثاق الوطني للتربية والتكوين عرف أهمية التنشيط في بناء الفرد والمجتمع، من خلال لجنته؛ وعرف قيمته التداولية في التوافق والتسيير والتدبير. فحمل همه وجعله روحا للميثاق، وترجم تلك الروح إلى بنود ومواد ناطقة وصريحة في هذا الباب. فأسست الأجرأة لهذه الروح على تلك المواد وظهرت في شكل مواد قانونية وتشريعية ملزمة. ستظهر من خلال بعض المعالم الكبرى فيما بعد.

فالتنشيط في الميثاق يعد آلية وأداة عملية، في انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها الاجتماعي المحلي والإقليمي والجهوي والوطني والعالمي؛ بما في هذا المحيط من غنى ثقافي واقتصادي وسياسي وديني وإيديولوجي وتكنولوجي ومعلوماتي... للاستفادة من خبراته وتجاربه ومعطياته المعرفية والقيمية والسلوكية والاجتماعية والأدائية، والاغتناء منها وبها... كما هو انفتاح للمؤسسة على ذاتها لتطوير كفاياتها وكفايات روادها. لأنها تساهم بقسط كبير في تمكين المتعلم من التنشيط ومن آلياته وأدواته وأساليبه وخططه وقيمه وأخلاقياته، بل هي المدخل الحقيقي لتنشيط الفرد في المجتمع؛ كونها مجتمعا صغيرا مبسطا للمجتمع الكبير الذي يخرج إليه المتعلم، يتضمن تفاعلات وعلاقات اجتماعية تتطلب الكثير من التنشيط...

والميثاق بهذه الروح يعد المرجع الحقيقي للمؤسسة في التنشيط. إذ تنبع منه تلك الروح، في شكل مواد فلسفية مؤطرة للمنظومة التربوية، وحامية لها من كل تعسف يسقط التنشيط من النظام التعليمي المغربي. وتعلن عنها خاصة في المواد التالية: 9 و 48 و 131 و 132. وأضحى التنشيط بهذه المواد وبالمواد المؤجرأة لها إطارا ومرجعا قانونيا، يمنح المنشط في المؤسسة التعليمية حق الممارسة الميدانية للتنشيط، ويضمن له هذا الحق في إجرائه داخل الفعل التعليمي من خلال تنشيط جماعة قسمه؛ سواء على صورة نشاط مدمج أو نشاط مستقل بذاته. كما أصبح التنشيط جزء لا يتجزأ من بنية برامج المؤسسة التعليمية التي تضعها المجالس المختصة حسب التشريعات المدرسية المعلنة.

هذا فيما يخص التنشيط مفهوما واسعا وشاملا، بينما هو في تفعيل جماعة القسم ينحصر وتضييق مساحته حتى يتعلق بتقنيات وإجراءات محددة داخل القسم لتحريك المتعلمين نحو فعل التعلم والتعلم الذاتي.

في مفهوم التنشيط:

التنشيط مادة لغوية من الجذر المعجمي ( ن ش ط ) ، وتعني جملة من المعاني تنطلق من المعنى النووي لعقد، وهو في الحقل التربوي يفيد لغة عقد العزم على فعل شيء، والتهيؤ له والاستعداد لإنجازها، وتصييره واقعا ملموسا. وأما اصطلاحا؛ فإنه يفيد عملية التحفيز والحث على فعل شيء وتحريكه والمشاركة فيه. إلا أنه يختلف معناه الاصطلاحي في بعض حيثياته من حقل معرفي أو تطبيقي لآخر. ومنه لم أجد تعريفا للتنشيط في معجم علوم التربية؛ وإنما وجدت تعداد تقنيات التنشيط التربوي، وهي تقنيات تهم تنشيط المجموعات الكبرى والصغرى. في مقابل ذلك وجدت تعريفا لمعهد التنشيط بتونس يقول: ( يعرف التنشيط على أنه جملة من العمليات التي يقوم بها فرد أو مجموعة من الأفراد بهدف إدخال تعديل أو تغيير على سلوك إنساني أو مكان أو محيط في إطار تربوي وثقافي وفق أهداف مضبوطة ومحددة. وهو يعتمد أساسا على المكونات التالية:
ـ المنشط: القائم بالفعل والمؤطر.
ـ المنشط: المفعول معه.
ـ المكان والزمان: الوعاء الوظيفي للنشاط.
ـ الوسائل: المادية والبيداغوجية ).

ونحن نجد بين ثنايا هذه الورقة ما يسمح لي بمساحة اجتهادية، تمكنني من مسوغات تقديم تعريف إجرائي للتنشيط يقوم على:
أ ـ المعنى المعجمي النووي.
ب ـ ورود المصطلح على الوزن الصرفي " تفعيل " بما يتضمن من معنى الحركة والفعل...
ج ـ طبيعة التنشيط القائمة على طرفين في الحد الأدنى.
د ـ مكنون فعل " التنشيط " الدال على التفاعل بما يفيد التأثير والتأثر.

حيث يمكن تقديم هذا التعريف الإجرائي بالصيغة التالية:
( التنشيط فعل تفعيل وضعية سكونية أو شبه سكونية نحو وضعية تفاعلية بين مكونات مختلفة ضمن نسق معين، يستهدف إحداث ناتج معين ).

والتنشيط بهذا المعنى يتوقف على:
1ـ معرفة وقيم ومهارات وقدرات وكفايات، ليدل على الفعل المعجمي والاصطلاحي لـ " ن ش ط "؛ ذلك لا فعل إلا بالمعرفة والقيم والمهارات والقدرات والكفايات، حيث لا يوجد فعل مؤسس على فراغ بل لابد من استباقات ناشئة عن نشاط الإنسان السابقة المتراكمة لديه، والتي يتفاعل بها ويفعل بها...
2 ـ وضعية سكونية أو شبه سكونية، جامدة بصفة نهائية أو شبه نهائية أو خاملة فاقدة للطاقة...
3 ـ فعل التفعيل، بمعنى الإنجاز الفعلي للتنشيط؛ بما يضمن التفاعل بين المكونات، وتحريك النسق نحو اكتساب الطاقة الحرارية المحركة...
4 ـ استهداف التنشيط ناتج نعين، سواء أكان معرفيا أو ماديا أو معنويا، كما أو كيفا.. مثلا في المجال التعليمي: تحقيق كفايات معينة عند المتعلم.

والتنشيط هنا؛ في هذه الورقة تنشيط مطلق، لم يتحدد بمجال معين بالعين أو بالوصف أو بالموضوع وإنما تركناه كذلك حتى يستوعب كل تنشيط هادف يمارس في المؤسسة التعليمية أو خارجها من خلال متعلميها. فالتنشيط متعدد منه مثالا لا حصرا: التنشيط التربوي والتنشيط المسرحي والتنشيط الثقافي والتنشيط الاجتماعي والتنشيط الاقتصادي والتنشيط السياسي... حيث أصبح التنشيط في المدرسة المغربية مكونا رئيسا من مكونات بنية الفعل التدريسي، لأنه يمكن المتعلم المغربي من مجموعة من الكفايات المتنوعة والمختلفة، ويدعم مكتسباته بطرق جد فعالة؛ مبنية على المشاركة والتفاعل بين التلميذ وموضوع التنشيط. ولي من واقع الممارسة ومن أدبيات الحقل التربوي الأدلة الكثيرة، ذلك أنه على سبيل المثال؛ التدريس في التاريخ من خلال المسرح المدرسي أنجع من تدريس التاريخ بالإلقاء، حيث مسرحة النص التاريخي تحيل المتعلم على معالم شخوصية وزمانية ومكانية وحدثية معينة، يمسك بها درسه، ويستحضره مشخصا حيا، ليحاكم النص ذاته من حيث مصداقيته العلمية والتاريخية، وليحاكم واقعه في ضوئه... ويستحضر اللحظة التاريخية الحاسمة في المسار التاريخي للدول والشعوب والحضارة الإنسانية. وكذا التدريس بواسطة الورش اليدوية، التي تسمح للمتعلم بمقاربة موضوعه انطلاقا من ملامسة المادة الخام، وتشكيل هذه المادة وفق المستهدف من الدرس؛ ذلك أن العمل اليدوي يحيل إلى الخبرة الأدائية والتقنية والفنية للمتعلم، فضلا عن معلوماته ومعرفته واستحضار مكتسباته السابقة... كما أن التدريس واسطة التكنولوجيا البسيطة في المؤسسة التعليمية، من بين أهم الطرق الحديثة التي تربط بين النظري والتطبيقي، وتؤهل المتعلم للأداء التطبيقي المؤسس على الواقع والتجربة المؤطرة بالنظري...

والتنشيط في مفهومنا ليس ترفيها أو مضيعة للوقت كما يظن البعض به؛ وإنما هو مكون حقيقي من مكونات الفعل البيداغوجي، تلح عليه عشرية التربية والتكوين، وتحث عليه فلسفة الميثاق، وتقننه المواد التشريعية المدرسية. لكنه في البيداغوجيا الفارقية أو بيداغوجيا المجموعات هو دينامو للفعل التعليمي التعلمي، ينهض بتنشيط مجموعات القسم وفق تقنيات معينة ومعروفة في المجال التربوي. وتحقيق التواصل فيما بينها. وبذلك يمكن أن نعرف التنشيط داخل القسم ب:

تعريف التنشيط التربوي:

1 ـ " إضفاء الحيوية على جلسة تعلمية بقصد تنمية التواصل بين المتعلمين وتنظيم مساهماتهم في بناء التعلم" .
2 ـ " تفاعل وعمل جماعي يغني الدينامية المعرفية لأفراد المجموعة قصد تحسين قدراتها الوجدانية والسلوكية والمعرفية، مع دفع لتغيير الواقع السلبي الذي يعيشه الأفراد ( المشاركون ) وتعزيز فكر نقدي باعتماد مصلحة الجماعة أو لضمان تماسكها ومحيطها...".
ومنه فإن التنشيط التربوي متعلق بتحريك الفعل التعليمي نحو الفعل التعلمي داخل جماعة القسم، لتحقيق بناء المعرفة والمهارات والسلوك والقيم والقدرات المختلفة لدى المتعلمين المشاركين في جماعة القسم. وهذا التحريك منوط بالمنشط الذي يبعث الحياة في جماعة القسم، لأنه " هو الذي ينفخ الحياة في ندوة أو عمل من أعمال جماعة، فيثير، ويحفز، ويرشد، ويوجه، وينظم مبادرات وتدخلات المشاركين " ، كما أنه عليه انطلاقا من هذا " أن يحس بمسؤوليته في وضعية واستمرارية الجماعة وفعاليتها " .
3 ـ " مجموعة من الإجراءات والسيرورات والتدخلات والتفاعلات وأفعال التحفيز والحث والاستثارة والمواقف والتصرفات والأفعال الصادرة عن المنشط ( المسؤولين )؛ التي من شأنها تسهيل وإنجاح العمل الجماعي " .
4 ـ " محاولة خلق وتنمية نشاط في مجموعة أو غيرها بناء على رغبات ودوافع واهتمامات محركة لهذا النشاط " .

ونرى التنشيط التربوي في مستوى الاصطلاح الإجرائي: " حفز لأعضاء المجموعة على الإقبال على النشاط بجدية، وإشراكهم فيه، وتسهيل لمهامهم وأدوارهم في إنجازه مع إبقاء التلاحم والتواصل بين أعضائها في ظل توجيهات وإرشادات المنشط ( الأستاذ ) ". وهو يقوم أساسا على التعليم التعاوني الذي يعرفه كود Good " بأنه تغيير في السلوك ناتج كليا أو جزئيا عن تجربة اثنين أو أكثر من الأشخاص ويقول عنه سلافين Slavin : إن مصطلح التعلم التعاوني يشير إلى تكنيكات صفية ينشغل من خلالها الطلبة بنشاطات تعليمية في مجموعات صغيرة، ويتلقون من خلالها تعزيزا أو تقديرا مستندا إلى أدائهم في مجموعاتهم "

المنشط فاعل تربوي:

يتمركز المنشط التربوي ( الأستاذ/المكون ) مركز فعل التنشيط لدوره الخطير في إنجاحه أو إفشاله، ذلك أنه وسيط بين الذوات وأفكارها وتفاعلاتها فيما بينها، وموجه لتلك الذوات فيما بينها ولعلاقاتها وتفاعلاتها البينية. وأنه الحريص على تماسك الجماعة، والساهر على تطبيق مضمون التنشيط بما فيه التخطيط والإنجاز والتقويم والتعديل. والموجه لذلك التطبيق، والمسهل لتعلمه، فقد بات الآن على الأساتذة كمنشطين " أن يكونوا مساعدين أو مسهلين لعميلة التعلم، وبات التركيز في قاعة الدرس منصبا على تحسين قدرة التلميذ على التعلم، أي أن المعلمين ( الأساتذة ) الآن بات من واجبهم تشجـيـع التلاميذ في قاعة الدرس على التعلم حسب النموذج الذي يكتسب الطفل من خلاله معارفه بشكل طبيعي " .

وبما أن المنشط يحتل هذه المكانة في جماعة القسم، أضحى محط موقفين منه ضمن دائرة التواصل؛ حيث يتسم الموقف الأول بالمعارضة وعدم القبول به انطلاقا من رفض توجيهاته وإرشاداته وسلطته كمنشط للجماعة، وإنكار أهليته للتنشيط، والتشويش عليه ومقاومته بالطرق السلبية إن كان أصحاب هذا الموقف في ضعف. أما إذا كانوا في حالة قوة فالمقاومة تكون بالطرق الموجبة كالنقد اللاذع من أجل النقد، ورفض تنفيذ القرارات أو مضمون التنشيط.. والموقف الثاني يتسم بالتأييد والتقبل انطلاقا بالإقرار بأهلية المنشط للتنشيط، والتجاوب معه في إنجاز مضمون التنشيط ، والدخول معه في علاقة حوار إيجابية من أجل إنضاج مجموعة قرارات، والتفاعل معه بكل دينامية وحيوية اعتبارا له كعضو في الجماعة ومصدرا للتنشيط.

والمنشط الحكيم هو الذي يذيب الجليد في الموقف الأول ويحوله إلى الموقف الثاني، وذلك بالانفتاح على أصحاب الموقف السلبي، ومناقشتهم بكل صدق وصراحة ودفعهم إلى تغير موقفهم بالاقتناع مع امتصاص غضبهم والتعامل مع سلبيتهم بإيجابية من منطلق تقبل الاختلاف. وقد حث إدوارد لامبوس على أن يتخذ منشط الجماعة موقف التعاون للخروج إلى الموقف الثاني أي موقف التقبل والتأييد والتجاوب، لضمان تواصل إيجابي وفعال ومتبادل بين المنشط والمنشطين من خلال الضبط والتحكم في الجماعة سواء في شخصياتها أو في مواقفهم أو في ردود أفعالهم تجاه موضوع التنشيط، حتى لا يؤثر ذلك على عملية التنشيط نفسها أو تعوقها وتكون ضدا عليها وقوى مضادة .. وليعلم أن الجماعة فيها الذكي والبليد والمتبلد والمتساهل والجحود والعنيد.. وغير ذلك من أصناف الشخصية؛ عليه أن يتجه بهم نحو هدف معين بمنهج معين وبمضمون معين وبأدوات معينة، فيجعلهم على اختلاف شخصياتهم منخرطين في المهمة الموكولة لهم بكل جدية ومسؤولية وحيوية.

أنواع المنشط:

ما يقال عن أنواع المدرس ينسحب على أنواع المنشط من حيث المنشط هنا أستاذ القسم، وهي أنواع لا تحيد عن: المنشط المستبد أو المتسلط، والمنشط المتهاون، والمنشط المتذبذب، والمنشط الديمقراطي . والمنشط الناجح هو ذلك المنشط الديمقراطي الذي يحافظ على تفاعل الجماعة الإيجابي ويخلقه فيها، ويعمل على الحفاظ على النظام الذي اتخذته الجماعة لنفسها، كما يفعل التواصل بين أفرادها فضلا عن تواصله معهم، زيادة على تحييده لتأثيرات توجهاته وآرائه وميولاته ومواقفه على الجماعة مباشرة، ودفعها إلى اتخاذ مواقفه وحلوله وآرائه و.. في مقاربة مضمون التنشيط، مما ينقله من المنشط الديمقراطي إلى المنشط المستبد دون أن يشعر بذلك.

والمنشط الديمقراطي هو الذي يعتبر نفسه فردا من الجماعة ينضبط إلى قراراتها ويشارك في المهمات الموكولة لها؛ لكن ضمن حفاظه على مسافة معينة تسمح له بالتوجيه والإرشاد والتدخل في المنعطفات الخطيرة التي تهدد الجماعة.. فهو معني بمساعدة الجماعة وتوجيهها ضمن شروط التنشيط إلى البحث عن الحلول والاقتراحات المناسبة مع التحكم في متغيرات الفضاء المكاني والزمني والاجتماعي والتواصلي...

مقتضيات تنشيطية:

وهي أبجديات تربوية عامة، تطلب في عقلنة وعلمنة كل فعل تربوي تعليمي بما فيه التنشيط؛ من حيث أنها مجموعة عمليات اعتبارية تتمثل في:

ـ الإعداد القبلي: 

ويقصد به تنظيم الموضوع المراد تقديمه والعمل على تصميمه وفق مجموعات العمل التي يتم العمل ضمنها.

ـ تنظيم العمل حال إجراء التنشيط:

ويدخل ضمن ذلك:
* تنظيم فضاء القسم واختيار الوضع المريح لأفراد المجموعة، وأحسنه ما كان على شكل حذوة الفرس ( en U )، لأن ذلك يساعد على التفاعل بين أفراد المجموعة فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المدرس من جهة ثانية.
* تقديم الموضوع.
* تحديد الأهداف.

ـ الإنجاز: 

ويتم من خلال:
* تصميم الموضوع.
* الاتفاق على طريقة العمل ( تقنية التنشيط ).
* عرض النتائج ومناقشتها.
* تدوين الخلاصات العامة.

ـ تنشيط المجموعة: 

ويتمثل في:
* الحث على المناقشة والتذكير بالموضوع وتوضيح الأهداف كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
* العمل على تجاوز العوائق الطارئة مثل:
ـ تهدئة المنحرف الذي يحاول جر المجموعة إلى فكرة جانبية:
ـ إسكات المدمر الذي يحاول إفشال الحصة التثقيفية.
ـ الحفز على المشاركة ( النقاش ).
ـ ضبط تدخل المشاركين.

ـ التقويم: 

ويتم عبر تقويم:
* تقويم جميع المراحل السابقة.
* وضع الحلول للمشاكل والصعوبات المكتشفة.
* إجراء الحلول ثم التقويم من جديد.
* تدوين نتائج التقويم للاستفادة منها لاحقا.
* العمل على تصفية الصعوبات بالتقويم التكويني.

تقنيات التنشيط:

1ـ التعريف الاصطلاحي:

1.1. " مجموع التقنيات الموظفة لتنشيط جماعة معينة لأجل تحقيق أهداف من أهداف التكوين بالنسبة للكبار أو أهداف التدريس بالنسبة للتلاميذ " .
2.1. " مجموعة من الإجراءات التي تمارس بها مواقف التعليم المفتوح وغير الموجه " .
3.1. " مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة المتعلمين " .

2 ـ تعدد تقنيات التنشيط:

ليس هناك وصفة واحدة لتقنيات التنشيط، فهي عديدة ومتنوعة تتسم كل تقنية بخصائص مختلفة عن الأخرى إلا أن هناك تقنيات معروفة ومشهورة وجاري العمل بها؛ غير أنه يمكن أن نخلق التقنية التي تناسب جماعة القسم الذي نشتغل معه خلقا ينضبط إلى المنهجة والعلمنة ويراعي قدرات ومكتسبات المتعلمين، ويمكن إجراؤه عمليا وميدانيا بمعنى إمكانية تطبيقه مع جماعة القسم.

فتقنيات التنشيط من منطلق تعريفها يمكن إقامتها من حيث كونها مجموع الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط جماعة القسم؛ فهذا المضمون العلمي للتقنية يسمح بالاجتهاد في وضع مجموعة من التقنيات المناسبة لجماعة القسم، ولا يمكن التخوف من ذلك بل يجب اقتحام هذا المجهول ورفع التحدي أمامه. فالجرأة العلمية هي الكفيلة بتطوير منظومتنا التعليمية لا التقليد والركون إلى الساكن والمعتاد من طرقنا البالية التي مازالت تسيطر على فعلنا التربوي التعليمي بكامل تجلياته رغم إدعاء التجديد. فلا جديد في واقع هذه المنظومة، ولا في عمقها الفلسفي والاجتماعي والعلمي والأدائي، وإنما هو التجديد الشكلي في الألوان والأغلفة والكلام الفارغ في عقولنا.

ونحن في هذه الورقة سنتطرق لبعض هذه التقنيات ونحاول تطبيقها بيننا حتى نمسك بها ونجريها مع تلامذتنا لعلنا نخرج من الطرق التقليدية المسيطرة على منظومتنا التربوية بعد أن نعرف لماذا تقنيات التنشيط؟

لماذا تقنيات التنشيط؟

إن تنشيط جماعة القسم عبر تقسيمها إلى مجموعات معينة وفق التقنية الموظفة يعمل على تجاوز عدة صعوبات ومعوقات منها مثلا:
ـ انحباس التواصل: حيث تعين تقنيات العمل في مجموعات كل تلميذ على التعبير عن رأيه عن طريق شخص آخر، إلى أن يتعوذ بتدرج على الاندماج في المجموعة وأخذ زمام المبادرة.
ـ الضعف في التفاعل الاجتماعي: فتقنيات العمل في مجموعات توفر فضاء تفاعل اجتماعي متنوع يعلم التلاميذ مع الأيام كيف يتصرفون شيئا فشيئا في نزاعاتهم conflis التي تجمع التدافع مع الشدة مع اللعب مع علاقات السيطرة/الاستسلام مع القيادة.
ـ اهتزاز الثقة بالنفس: حيث يجد كل تلميذ نفسه مضطرا في بعض المواقف إلى أن يشرح بعض التعلمات إلى بعض زملائه أو إلى أن يعبر عنها، مما يعيد له الثقة في إمكانياته.
ـ فقدان الدافعية والرغبة: فتقنيات العمل في مجموعات توفر وضعيات حيوية dynamiques تسمح بالحركة والتحدث بين الزملاء، وتنظيم الطاولات بطريقة مغايرة، بأخذ المبادرات والقرارات، ولعب الأدوار، وتوزيع المهام.. وهذه الحيوية من شأنها أن تقنع التلاميذ بأنهم الفاعلون الحقيقيون في تعلمهم، فتتولد لديهم الرغبة في التعلم " .

نماذج من تقنيات التنشيط:

بما أننا في التنشيط غالبا ما نعمل مع مجموعات صغرى تنقسم إليها جماعة القسم فلابد من الإشارة إلى الأساسيات التالية التي يتطلبها العمل مع المجموعات:
ـ المطلوب الواضح: ولذلك ينبغي التأكد من أنه قد فهم من الجميع، ويحسن تسجيله بما يجعله في متناول كل طرف.
ـ الابتداء بمرحلة تفكر فردية: تدوم ما بين دقيقة أو خمس دقائق يستجمع فيها كل تلميذ أفكاره وموارده حول القضية المطروحة، ويسجلها في ورقة، ليدمجها بعد ذلك مع مجلوبات زملائه في إطار المجموعة.
ـ اشتراط أثر مكتوب: يصلح للتلاميذ حتى يراجعوا عملهم، وللأستاذ حتى يتابع سير نشاطهم، إلا إذا كانت أهداف النشاط تقتضي عكس ذلك في حالات العمل على الذاكرة مثلا أو اختبار القدرة على المبادهة أو الارتجال..
ـ توزيع الوقت على مراحل إنجاز العمل: فالدراسات في هذا المجال تؤكد أنه كلما كانت مدة المهمة محددة وقصيرة كلما كان الانتاج أفضل. بالإضافة إلى أن التلاميذ يستحسنون هذا التوقيت المنضبط، ويعيشونه كتحد.
ـ إنجاز تحليل جماعي لنتائج كل مجموعة: وذلك من خلال:
* تعليق النتائج.
* إصلاحها عبر التفاعل المتواصل مع التلاميذ.
* تطعيمها بمعطيات إضافية مكملة.
* إثراؤها بمعطيات جديدة، كالقاعدة التي تنظم كل النتائج التي توصل إليها التلاميذ...
وهذه الطريقة في التحليل من شأنها أن تساهم في بناء شخصية التلاميذ لأسباب ثلاثة على الأقل:
* تعطي للقسم صورة واضحة عن إمكانياته.
* تمكن من إعادة تنظيم المعارف التي ولدت في أحضان المجموعة.
* تضمن الأثر الذي يسعى إلى إحداث النشاط في المجموعة.
ـ التكليف بعمل فردي للمواصلة: يكون في شكل تمارين أو درس إضافي، أو بحث، أو تحرير.. تدعم التعلم المحصل في القسم وتثريه

وأما عن تقنيات التنشيط فسنقف على بعضها المعروف وهو:

1 ـ تقنية التجميع 4.3 :

وهي تقنية تقليدية كلاسيكية، تعتمد على تقسيم جماعة القسم إلى مجموعات صغيرة تضم ثلاثة تلاميذ أو أربعة وفق اختيارهم في الانضمام إلى هذه المجموعة أو تلك، إلا أنه أصبح اليوم هذا الاختيار مبنيا على التقويم التشخيصي، الذي يمكن كل متعلم من معرفة المجموعة التي يمكن أن ينضم إليها. كما للأستاذ أن يوزع التلاميذ إلى مجموعات بناء على ذلك التقويم التشخيصي. ويجري الإجراءات التالية:
ـ يمد الأستاذ المجموعات بالوثائق والمعينات اللازمة في موضوع التنشيط، ويطلب منها مقاربته فيما بين أعضائها مع إنجاز تقرير حول المقاربة ونتائجها؛ لتشارك به المجموعة في إنجاز التقرير التركيبي النهائي لجماعة القسم.
ـ تقوم كل مجموعة بمقاربة الموضوع داخل غلاف زمني يمتد ما بين 10 إلى 20 دقيقة حسب وثيرة التعلم ودقته.
ـ تعرض المجموعات نتائج مقاربتها وعملها على القسم في دقيقتين أو ثلاث، مما يوجب التركيز والضبط والدقة والسرعة في العرض.
ـ يساعد الأستاذ التلاميذ في إنجاز تقرير تركيبي من تقارير المجموعات، مع إغنائه وإثرائه بمعطيات ومعلومات ومعارف جديدة إن كانت ضرورية ولازمة، حيث ينتدب الأستاذ تلميذا لكتابة التقرير التركيبي ثم تتم قراءته وتسجيله عند التلاميذ للرجوع إليه والبناء عليه المكتسبات الجديدة.

2 ـ تقنية 1.2.4.8.16:

تقوم هذه التقنية على البناء التدرجي اللولبي للتعلم، حيث يطلع الأستاذ جماعة القسم أولا على موضوع التنشيط وغاياته وأهدافه وذلك من خلال كتابته على السبورة ثم تمنح لجماعة القسم خمس دقائق للتفكر الذاتي والشخصي في الموضوع؛ بعدها ينصرف إلى المراحل التالية:
* كل متعلم يعمل يشتغل مع جاره وزميله، بمعنى تشتغل جماعة القسم في هذه المرحلة الأولى مثنى مثني مع صياغة كل اثنين إجابتهما في إجابة واحدة في ثماني دقائق.
* ثم يجتمع كل اثنين مع اثنين آخرين لتشكيل مجموعة رباعية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين في عشر دقائق مع العلم أن الإجابة يمكن أن تتسع وتنقح.. إلخ.
* ثم تجتمع كل مجموعة رباعية مع أختها لتشكيل مجموعة ثمانية، تصيغ إجابتها من الإجابتين السابقتين للمجموعتين الرباعيتين في خمس عشرة دقيقة.
ـ وتقوم كل المجموعات الثمانية ( أو الرباعية أو الست عشرية، حسب قرار الأستاذ ) بتدوين نتائج إنجازها على السبورة لصياغة نتيجة نهائية من نتائجها في عشر دقائق، ويعمل الأستاذ على تنقيحها وتطعيمها من خلال مناقشة التلاميذ. ويلاحظ أن هذه المرحلة تكون طويلة تستغرق وقتا أكثر؛ مما ينصح بتوزيع أوراق كبيرة لهذا الغرض للمجموعات أو أوراق شفافة لعرضها بالعاكس إذا توفر هذا الأخير اختصارا للوقت.
ـ في الأخير يطلب من التلاميذ تدوين النتيجة النهائية لديهم بمثابة عمل فردي تدعيمي يرجع إليه في تعلماته.
ويمكن تشكيل هذه التقنية بالخطاطة التالية:
ـ تفكر فردي في الموضوع دَخْلٌ فردي
إج1 إج2 إج3 إج4 إج5 إج6 إج7 إج8 إج9 إج10
إجابة1 إجابة2 إجابة3
إجابة1 إجابة 3
يتدخل الأستاذ لتصويب وإغناء وإثراء النتيجة النهائية
ـ خَرْجٌ فردي يسجل كل متعلم النتيجة النهائية لدعمه الخاص في تعلماته اللاحقة والجديدة.

3 ـ تقنية جيكسو أو استراتيجية جيكسو ( Jigsaw Strategy ):

" يعرف كل من سلافين وشاران استراتيجية جيكسو، بأنها إحدى الاستراتيجيات الأساسية للتعلم التعاوني، تقوم على توزيع الطلبة في فرق صغيرة غير متجانسة في القدرة والجنس والعرق، يضم كل فريق 5 ـ 6 أعضاء، وتجزأ المادة الأكاديمية إلى مقاطع بعدد أعضاء الفريق، ويدرس الطلبة مقاطعهم مع أعضاء فرق أخرى لهم نفس المقاطع، بعدئذ يرجعون إلى فرقهم ويُدَرِّسُونَ مقاطعهم إلى أعضاء الفريق الآخرين. أخيرا يؤدي الفريق امتحانات يومية في الوحدة موضوع التعلم بأكمله " .

ولتوضيح هذه التقنية أكثر يمكن التمثيل لها بقسم يضم 20 تلميذا وتلميذة، حيث يشكل الأستاذ أربع مجموعات من خمسة أفراد ذكورا وإناثا، تختلف قدراتهم التحصيلية والأدائية ما بين ضعيف ومتوسط ومرتفع أو عال، ثم يقسم موضوع الدرس إلى خمس فقرات بعدد أعضاء الفريق، وليكن مثلا الدرس درس تركيب يتعلق بالفاعل، ولتكن مثلا فقراته أو مقاطعه التعليمية كالتالي:
* تعريف الفاعل؛
* موقع الفاعل؛
* إعراب الفاعل؛
* أنواع الفاعل؛
* تقدير الفاعل.

فيتكلف كل تلميذ أو تلميذة بمقطع من الدرس، بعدها يجتمع كل تلميذ مع زميله أو زميلته الذي/التي له/لها نفس المقطع من الدرس، ويدرسونه فيما بينهم، ثم بعدئذ يرجع كل متعلم أو متعلمة إلى فريقها الأصلي قصد تعليم وتدريس المقطع الذي درسه، وهكذا يدرس جميع أعضاء الفريق الدرس كله من خلال زملائه في فريقه الأصلي. وفي نهاية الدرس يجيب الفريق على بنود التقويم الموضوع للدرس.

4 ـ تقنية الرسول:

هذه التقنية نسخة معدلة من التقنية السابقة ( جيكسو )، حيث تعتمد الخطوات التالية:
* توزع جماعة القسم إلى مجموعات من 4 إلى 5 أفراد مختلفي الجنس والتحصيل الدراسي والأداء التعلمي.
* يختارون رسولا يمثل مجموعتهم لدى المجموعات الأخرى، يتصف بالتواصل والقدرة على التعبير عن مضمون تعلماتهم.
* يجزأ الدرس إلى مقاطع مختلفة أو محاور تعلمية أو مباحث معينة حسب عدد المجموعات، ثم تتكلف كل مجموعة بمحور أو مبحث واحد، ويدرسونه مدة 10 أو 15 دقيقة مع تسجيل نتائجهم وتدوينها من طرف المقرر أو الرسول.
* يقوم الرسل في نهاية الوقت المخصص لدراسة المباحث من المجموعات بإطلاع وإفادة المجموعات الأخرى بما تم إنجازه من قبل مجموعاتهم، وذلك بوثيرة دقيقتين لكل رسول.
* يسجل الرسل رسائلهم على السبورة بعد الانتهاء من إخبارياتهم، حتى يطلع الرسل على رسائل زملائهم الآخرين.
* يتدخل الأستاذ في استخلاص ملخص للدرس بمعية المتعلمين ومشاركتهم، ويسجلوه عندهم مرجعية تعلمية للبناء عليها في تعلماتهم القادمة.

5 ـ تقنية فليبس 6×6 Philips:

تقوم هذه التقنية على:
ـ توزيع جماعة القسم إلى مجموعات تضم ستة أعضاء، يتداولون في موضوع التنشيط أو في الدرس لمدة ست دقائق بمعدل دقيقة لكل عضو.
ـ تختار كل مجموعة منشطا ومقررا وناطقا باسمها.
ـ يحاور المنشط الأعضاء بمعدل دقيقة لكل عضو حول الموضوع التعلمي، كما يحاور نفسه نفس المدة.
ـ يدون المقرر على ورقة كبيرة ما يدور في كل حوار، ويعمل على اجتناب المعلومات والأفكار المتكررة، وذلك بخط غليظ واضح حتى يُعرض العمل على جماعة القسم.
ـ عند انتهاء المحاورات تعاد قراءة التقارير، ويناقشها أعضاء الفرق وينقحونها ويعدلونها لمدة خمس دقائق.
ـ يعلق الناطق تقرير مجموعته ويقرأه على جماعة القسم.

وهناك من يمارس هذه التقنية وفق الأصل حيث يجتمع المقررون لعرض نتائج مجموعاتهم تحت إشراف منشط، في حين يتابع الأعضاء الآخرون عمل المقررين في صمت. ثم يرجع المقررون إلى مجموعاتهم لمواصلة الحوار والتباحث، وهكذا دواليك إلى نهاية النشاط.

6 ـ تقنية المحاكاة أو لعب الأدوار أو مواقف التمثيل:

تقوم هذه التقنية على:
ـ على تقسيم جماعة القسم إلى مجموعة متقمصين للأدوار، ومجموعة ملاحظين مناقشين للمجموعة الأولى.
ـ تقوم مجموعة المتقمصين للأدوار بلعب الأدوار انطلاقا من تخيل مجتمع صغير يشبه الظاهرة المستهدفة، من حيث عدد عناصرها والعلاقات القائمة بين هذه العناصر، فتشخص الشخصيات وتحاكي تصرفاتها وأفكارها، والانفعال بهذه الأدوار.
ـ تقوم مجموعة الملاحظين المعلقين والمناقشين بنقاش وتحليل التصرفات والأفكار والانفعالات والعلاقات القائمة بين تلك العناصر.
ـ بعد ذلك تنعكس العملية، وتأخذ كل مجموعة دور المجموعة الأخرى، وتتم المناقشة من المجموعة التي لعبت الأدوار أولا، وتلعب الأدوار من المجموعة التي ناقشت أولا.
ـ بعد الانتهاء من الدورين تقوم جماعة القسم الأداءين ( لعب الأدوار والمناقشة)، ثم يخلصون إلى نتائج عامة، تعتمد في التعلمات الجديدة.

وهذه التقنية لها عدة وصفات معدل بعضها عن بعض، وهي تقنية تؤهل المتعلم إلى ممارسة أدوار فعلية في معيشه اليومي، كما تمكنه من إدراك الأدوار الاجتماعية الحياتية...

7 ـ تقنية المحادثة :

* يختار كل تلميذ أحد الرقمين 1 أو 2 ليتسمى به داخل مجموعة ثنائية.
* كل حامل رقم 1 يسأل زميله رقم 2 مدة دقيقة، ثم تتبادل الأدوار.
* يعرض كل تلميذ نتيجة حواره أمام كامل القسم.
* تدخل الأستاذ يكون مساوقا للعروض، مع تسجيل المعطيات التي يراها ضرورية لعملية التأليف.

8 ـ تقنية العينة أو البانيل:

وهي تقنية تمثل في أصلها تباحث وتدارس مختصين مواضيع تهم اختصاصهم، بحضور شخص غير مختص يقوم بطرح أسئلة قصد تحليل ومناقشة ومقاربة مواضيع وقضايا مختصة، لتتجلى لدى جماعة من المشاهدين. وهي نفسها التقنية ـ مع بعض التجاوز ـ التي تدار بها الندوات التلفزية. حيث في الحقل التعليمي تعمل على تمكين المتعلم من كفاية الإنصات والنقاش والتعبير عن الأفكار والدفاع عنها، والتحكم في الوقت وضبطه، والجرأة على مواجهة الجمهور، وعلى الإجابة عن الأسئلة بكل ثقة.. وتتم هذه التقنية وفق الخطوات التالية:

ـ توزع جماعة القسم إلى مجموعتين:
1 ـ مجموعة " العينة " وتمثل ربع ( ¼ ) عدد تلاميذ جماعة القسم، تجلس في شكل نصف دائرة أمام المجموعة الثانية، ويناط بها مهمة مناقشة الموضوع المستهدف في مدة 10 دقائق؛ مع تدخل الأستاذ في محطات معينة لمعطيات جديدة أو تكميلية أو إرشادات وتوجيهات ضرورية.
بعد الانتهاء من مناقشة وتدارس الموضوع، تتلقى المجموعة الأسئلة من المجموعة الثانية من خلال انتداب عضو منشط، ثم تجيب عنها في 10 دقائق، وكلما عجزت عن الإجابة تدخل الأستاذ من أجل الإجابة أو البحث عنها لدى جماعة القسم.
2 ـ مجموعة " المشاهدين " أو الجمهور، وهي مجموعة تتكون من ثلاثة أرباع ( ¾ ) عدد التلاميذ، أي تتكون من مجموع التلاميذ الباقين. وتناط بها مهمة الإنصات إلى النقاش وتسجيل الأسئلة وطرحها بعد انتهاء المناقشة.

ـ تؤلف جماعة القسم تحت إشراف وتوجيه الأستاذ النتائج المحصل عليها من المناقشة والإجابة عن الأسئلة، مع تدوينها على السبورة لاتخاذها مرجعية في الموضوع.

9 ـ تقنية الزوبعة الذهنية أو الزوبعة العقلية أو العصف الذهني أو الزوبعة الفكرية Brainstorming:

تقنية تعتمد إشراك التلاميذ في مناقشة موضوع التنشيط بغية إنتاج أفكار أو اقتراح حلول بشكل جماعي والإبداع فيها، مع تدريبهم على تأخير وتأجيل تقويمها إلى حين تفحص إيجابياتها وسلبياتها وسماع جميع التدخلات.

وهذه التقنية توظف في الغالب لإثارة جملة من الإجابات المختلفة عن أسئلة من قبيل: لماذا، وكيف، وماذا؟؛ وهي تعتمد في عمقها الفكري على تربية المتعلم على حرية الرأي وقبول الاختلاف فيه، ثم الاحتكام إلى نجاعة الرأي ونفعيته عمليا دون ردة فعل سلبية تجاه أي رأي كيفما كان.

وتطبق هذه التقنية على الشكل التالي:
* يوزع التلاميذ إلى مجموعات من 10 إلى 15 تلميذا.
* تختار كل مجموعة مقررا لها لتدوين الأفكار والمقترحات كيفما كانت، وحتى الخيالية منها.
* يعرض المنشط / الأستاذ الموضوع أمام جماعة القسم، ويبين عناصرها والمطلوب فيها.
* تناقش كل مجموعة الموضوع؛ حيث يدلي كل فرد منها وبكل حرية عن رأيه وإبدعاته فيه دون تدخل من الآخرين، الذين يعملون على سماع الرأي بعيدا عن نقده أو الحكم عليه.
* يدون المقرر الأفكار والمقترحات والرأي كاملا على أوراق مستقلة، وذلك لمدة 40 إلى 60 دقيقة.
* يعمل المنشط / الأستاذ على جمع المقترحات والأفكار والآراء، ويدونها على السبورة أو في أوراق كبيرة؛ ويمكنه الاكتفاء بما كتبه المقررون ويعتمد عليها في المناقشة.
* تناقش جماعة القسم الأفكار والاقتراحات المجمعة للخلوص إلى استنتاج محدد.

10 ـ تقنية دراسة الحالة:

هذه التقنية تتعلق بدراسة حالة معينة نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو مادية أو فكرية؛ وغالبا ما تكون من واقع الحياة اليومية أو المهنية أو العلمية، تستوجب قرارا أو حلا معينا. وهي تسمح بالتعاطي الموضوعي والواقعي مع الحالة، سواء ما تعلق بتحليل الحالة أو اقتراح الحلول أو إنجازها وتتبعها.

وتقوم هذه التقنية على التالي:
* يحدد المنشط / الأستاذ الحالة موضوع التنشيط بدقة، حيث تستوجب اتخاذ قرارات وحلول. ويعرضه على جماعة القسم مع تبيان المطلوب منهم. ويمكن العمل بالمجموعات في هذه التقنية.
* يقرأ موضوع الحالة أو نصها من قبل المجموعات أو جماعة القسم، ثم يشرع في تحليله ودراسته وفهمه، ثم تقدم الحلول والقرارات والمساهمات بعدما يغير بعض الأفراد اقتراحاتهم أو حلولهم أو قراراتهم بناء على الاقتناع بوجهة النظر الأخرى لزملائهم أثناء التحليل والدراسة والفهم.
* ينظم المنشط / الأستاذ التدخلات، ويوجهها إلى صلب الموضوع وحصرها داخله، ثم يجمع مساهمات التدخلات.
* يقوم المنشط / الأستاذ بمعية جماعة القسم المقترحات والقرارات والحلول مع تبريرها، وتعمل جماعة القسم على تدوينها والقبول بها.

11 ـ تقنية حل المشكلات:

تقنية تعتمد على إشراك جماعة القسم في مناقشة المشكلة واقتراح الحلول، ودراستها ثم اختيار أفضلها وأكثرها قابلية للتطبيق. وتتم عبر المراحل التالية:
* يقوم المنشط / الأستاذ بطرح المشكلة بدقة على جماعة القسم، التي يوزعها إلى مجموعات تضم 3 أو 4 أفراد، ويشرح النشاط ومنهجية العمل أو شكلياته ضمن تدبيره للوقت وضبط مفاصله.
* تتفهم جماعة القسم المشكلة، وتختار كل مجموعة مقررا لها، وتدرس المشكلة من جميع جوانبها، وتقترح حلولا لها، ويدون ذلك المقرر في تقرير المجموعة، ثم تدرس تلك الحلول وتقترح المجموعة حلا واقعيا قابلا للتطبيق، وهو الذي تتقدم به إلى جماعة القسم.
* تقوم الحلول المقترحة وتناقش بكل موضوعية جماعة، بما فيهم المنشط / الأستاذ، ثم تدون وتسجل على السبورة أو في تقرير جماعة القسم النهائي، وتخرج جماعة القسم في النهاية بملف حول المشكلة يتضمن المشكلة وحلولها الممكنة وطريقة إنجاز تلك الحلول.

وفي الختام:

أود أن أشير بأن هذه التقنيات المذكورة سابقا تختلف خطواتها التفصيلية من منشط لآخر زيادة ونقصانا، اجتهادا واقتداء. لهذا لا يمكن أن نجد اتفاقا عاما بين المنشطين حولها لاختلافهم حول فهمها من مصدرها الأصلي، لكن الهيكل العام لها، يبقى واحدا جامعا لكل المنشطين.

هذا ويمكن إعادة القول بأن في الأدبيات التربوية، توجد غير هذه التقنيات التي أوردناها كتقنية التنشيط بالمشروع... ويمكن الاطلاع على هذه التقنيات في مراجعها؛ بل يمكن أن نبدع غيرها حسب خصائص متعلمينا. ولدينا من الكفاءات التربوية والتعليمية الوطنية والعربية والإسلامية من تستطيع فعل ذلك، ولا ينقصها إلا التحفيز المادي والمعنوي.

إن التعليم الذي يعتمد المتعلم المتوسط والطرق التقليدية ينحصر شيئا فشيئا، ليفسح المجال للتعليم الذي يعتمد الطرق الحديثة وتكنولوجيا التعليم والمعلوميات، ويعتمد الابتكار والإبداع من داخله، بجانب اعتماد الفكر الجماعي في التعاطي مع العلم وحقوله المختلفة.

تحميل الموضوع:

نقدم لكم موضوعين آخرين حول التنشيط التربوي:


إرسال تعليق

1 تعليقات