رسالة تحذير للمقبلين على مباراة مراكز مهن التربية والتكوين |
العمق المغربي - كريم دوجا
بتاريخ السبت 21 يناير 2017
لا شك أن الجميع قد تتبع معركة الأساتذة المتدربين، وما تعرضوا له من قمع وتنكيل لأزيد من ستة أشهر، وكيف أجبروا، بصمودهم البطولي، الدولة على النزول والتوقيع على محضر 13_14 أبريل الذي ينص على توظيف الفوج كاملا وإرجاع المرسومين إلى طاولة الحوار.
لكن هذا لم يغير شيئا من سياسة الدولة. لأن إصرارها على تنزيل المرسومين المشؤومين، وجعل الأساتذة المتدربين ورقة لتمريرهما دفعها إلى خرق المحضر طولا وعرضا، بداية من تقزيم المنحة وتأخير صرفها، مرورا بترسيب أساتذة العرفان، وصولا إلى نتائج مباراة التوظيف الإقصائية التي تم بموجبها ترسيب مجموعة من الأساتذة. كل هذا يبين بما لا يدع مجالا للشك أو الغموض في أن الدولة المغربية لا تنوي التنازل عن المرسومين المشؤومين ولا تفكر في تجميدهما أو إعادتهما إلى طاولة النقاش، وهذه هي الرسالة الأولى التي يجب على كافة الطلبة، و(بعض الأطر التربوية)*_التي تستعد لاجتياز مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين _ التقاطها واستيعابها جيدا.
هذا التشبث والحرص على تفعيل المرسومين وتحدي رغبة آلاف الأساتذة والأستاذات بمعية الأطر التربوية والطلبة وأبناء الشعب المتضامنين يضعنا أمام تساؤلات عدة، منها: بماذا يمكن تفسير إصرار الدولة على تطبيق المرسومين وعدم تراجعها عن تنزيلهما؟؟؟ أهو الخوف من فقدان هبتها ومكانتها؟؟ أم أن الأمر يتعلق بإغلاق باب الاحتجاج على قراراتها ومخططاتها التخريبية، من خلال إذلال الأساتذة المتدربين وجعلهم درسا وعبرة لمن تسول له نفسه الوقوف في طريقها؟؟ أم أن الأمر لا يتعلق بهذا أو بذاك، بل وراء الأكمة ما وراءها كما قالت العرب؟؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تحتاج إلى تحليل دقيق قائم على رؤية ثلاثية الأبعاد. فالقول جدلا إن سبب تعنت الدولة في شأن المرسومين هو الحفاظ على هيبتها، وتأديب كل الحركات الاحتجاجية التي قد تفكر في الوقوف ضد مخططاتها، يفتح أمامنا تساؤلا جديدا هو: لماذا لم يتم التعامل بنفس الطريقة مع التنسيقية الوطنية لطلبة المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية"ENSA''؟؟ والتي سرعان ما تراجعت الوزارة عن المرسوم المتعلق بدمج المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية مع المدارس العليا للتكنولوجيا وكليات العلوم والتقنيات تحت مسمى "البوليتيكنيك"، مع العلم أنهم لم يتجاوزوا شهرا من النضال. وهنا وجب على الطلبة و (بعض الأطر التربوية) التي تعقد آمالها على المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين استخلاص الرسالة الثانية من كلام العرب "وراء الأكمة ما وراءها".
وحتى يتضح الكلام ويزول الغبش، ويتبين أكثر سبب إصرار الدولة على إنجاح المرسومين المشؤومين، لابد من الوقوف عند سياقهما العام.
إن تنزيل المرسومين المشؤومين سنة 2015 جاء في إطار استكمال الهجوم الشرس على قطاعي التعليم والوظيفة العموميتين، وكذا فرش الأرضية تمهيدا لتنزيل مخططات أخرى (مرسوم التعاقد الذي تمت المصادقة عليه يوم 7 أكتوبر 2016) تتماشى والتصور الجديد للدولة المغربية في مجال التشغيل. وهنا أبعث بالرسالة الثالثة إلى كل الطلبة و(بعض الأطر التربوية) التي تستعد لاجتياز مباراة ولوج المراكز الجهوية، وهي رسالة تحذير من السقوط في فخ خطير تنصبه الدولة المغربية للقضاء على ما تبقى من مكتسبات أبناء الشعب، وإطلاق رصاصة الرحمة على قطاعي التعليم والوظيفة العموميتين، من خلال جعل الطلبة و(بعض الأطر التربوية) يلجون المراكز الجهوية، ليتم، قبل انتهاء تكوينهم، تنزيل مرسوم التشغيل بالعقدة على مباراة التوظيف، وتصبح مباراة للتشغيل بالعقدة.
وهنا أنبه، على وجه الخصوص، الأطر التربوية خريجي المدارس العليا للأساتذة، أطر البرنامج الحكومي 10000 إطار تربوي إلى عدم الانسياق وراء خدعة الدولة المتمثلة في توريطكم بدعوى حل ملفكم في إطار المراكز الجهوية (لأنها مؤسسات للتكوين فقط في ظل المرسومين لا تتجاوز آفاقها مباراة التشغيل بالعقود)، كما أدعوكم إلى التشبث بحقكم العادل والمشروع في الإدماج في قطاع التعليم العمومي، الذي يكفله لكم القانون ويزكيه الاستحقاق الذي حصلتم عليه.
وبناء على ما سبق فإن الهجوم الذي تشنه الدولة المغربية اليوم على جل القطاعات العمومية، خاصة الحيوية منها كالصحة والتعليم، عبر تنزيلها مخططات وقوانين تخريبية، ما هو إلا تكريس للتبعية المطلقة لأسيادها الإمبرياليين وتأكيد على حرصها الدائم على الخضوع لأوامر وإملاءات صندوق النقد الدولي.
*وضع (بعض الأطر التربوية) بين قوسين راجع إلى أن أغلب الأطر التربوية تؤكد رفضها لإعادة التكوين بالمراكز الجهوية وتزكي قرار مجلسها الوطني
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليقات