خصائص النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي لدى المراهق

خصائص النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي لدى المراهق
جريدة التربية ::: خصائص النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي لدى المراهق
جريدة التربية
جريدة التربية
الاثنين 09 يناير 2017

خصائص النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي لدى المراهق..

مدخل:
تعد المراهقة مرحلة إعداد و تهيئة الفرد أطول مرحلة إعداد يمر بها كائن حي وذلك لأن المهام والأدوار التي يطلب منه القيام بها كبيرة وكثيرة و معقدة ومتشعبة ومتداخلة تحتاج إلى قدرات ومهارات واستعدادات وإمكانات ومواهب وخبرات واسعة جداً وفي مختلف مواقف الحياة الإنسانية و ذلك لا يتأتى إلا بالوصول الى مستوى معين من النضج والاكتمال في مكونات شخصية الفرد ، و التي تتكون من جوانب جسمية و عقلية و انفعالية و عاطفية وجدانية و حركية و حسية واجتماعية و مما يؤكد ذلك أن تحقيق النجاح في انجاز عمل بسيط مثل ( قيام شاب باستقبال ضيف في المنزل أثناء غياب والده ) وهذا من أبسط المهام التي قد يكلف بها الإنسان لاحظ أنه يتطلب خبرة حياتية مشابهة سابقة و قدرة جسمية متعلمة و قدرة عقلية مدربة وضبطاً انفعالياً جيداً ومهارة حركية متقنة ونمواً حسياً متوازناً و تكيفاً اجتماعياً مريحاً وعواطفاً هادئة و جياشة وثقة بالنفس و قدرة على التحدث بصورة طبيعية ، كل هذا يبين لنا أهمية الإعداد والتربية للفرد تلك التربية الهادئة والمبكرة والنامية شيئاً فشيئاً والواعية والمستبصرة والغنية بالخبرات المنوعة و المعتمدة على الفهم لطبيعة هذا الكائن الفريد ( الإنسان ) ومكوناته والمشبعة لحاجاته المختلفة السابقة الذكر من هنا تأتي أهمية معرفة خصائص هذا الكائن الفريد في مختلف مراحل نموه وتتمثل هذه المراحل في :
* النمو الجسمي الفسيولوجي
* النمو الانفعالي
* النمو اللغوي
* النمو الاجتماعي
* النمو العقلي
* النمو الحركي
ولكن لن نقوم بالتعرف على هذه المراحل بأكملها انما سنقتصر على التعرف على النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي , ولكن قبل ذلك سنقوم بمحاولة الاجابة في المحور الاول على سؤال يطرح نفسه وهو اين تكمن أهمية دراسة مرحلة المراهقة ؟

I. أهمية دراسة خصائص النمو في مرحلة المراهقة :
نظراً لحدة وسرعة التغيرات الجسمية والعقلية والاجتماعية التي تطرأ على الطفل عند مقاربته لمرحلة المراهقة فإن معرفة ما تمتاز به هذه المرحلة يعين كثيراً في تخفيف حدة تلك التأثيرات التي تحدث تبعاً للتغيرات الجسمية والنفسية و الاجتماعية مما يمهد الطريق أمام الوالدين والمدرسة لتنمية شخصية المراهق من جميع النواحي في هذه المرحلة التي تعتبر من أنسب مراحل العمر وأهمها في إكساب المراهق كثير من العادات والسلوكيات السليمة والحميدة التي تعده لمواجهة المراحل المقبلة من حياته .

1- أهميتها بالنسبة للمربي (الوالددين / المعلمين) :
من الضروري أن يكون المرابي ملماً بخصائص النمو للمرحلة التي يعمل بها حتى يتمكن من تفسير الحالات المختلفة للشباب أثناء سيرهم في المرحلة التي يتعامل معهم فيها , كما أن إلمامه بالخصائص التي تميز المرحلة التي يعيشها طلابه يعينه على إكسابهم السلوكيات المناسبة لهم سواءً كانت جسمية أو اجتماعية أو عقلية أو وجدانية أو انفعالية أو حسية أو حركية ، آما أن إدراكه لجوانب القوة في شخصية المراهق يعينه على بناء البرامج المناسبة لنمو قدراته وفي المقابل معرفة جوانب القصور في شخصية المراهق يعين المربي على تحديد الأسلوب المناسب في التعامل معه , كما يفيده ذلك في بناء البرامج الوقائية والنمائية و يمكنه ذلك من نقل المعلومات اللازمة عن طبيعة المراهقين وخصائص نموهم لغيره من المعلمين حتى يتعاملوا مع المراهقين بطريقة علمية تربوية الصحيحة.

2- إلمام المربي بخصائص النمو للمراهق يعينه على أمور مهمة منها :
* معاملة الطلاب بطريقة تربوية صحيحة وسليمة تحقق لهم مطالب النمو السليم فالمعلم الذي يدرك أن المراهق تتفتح لديه كثير من القدرات والطاقات المختلفة سوف يحسن التعامل معه و بطريقة تؤدي إلى نماء شخصياته و تؤدي الى تجنيبه كثير من المزالق التي قد تواجههم مستقبلاً.
* معرفة أنسب الطرق التي تقدم لهم فيها الخبرات و المعلومات والمعارف.
* تحديد مدى استعدادهم للتحصيل الدراسي قبل بدء عملية التعلم.
* تقديم الرعاية و الحماية و التوجيهات اللازمة لهم والتي تنسجم مع طبيعة المرحلة التي يعيشونها ، و بالأسلوب الذي يضمن قبولهم لها وتأثرهم بها.
* معاملة الأبناء بالطريقة التي تحقق لهم النمو السوي , فعندما يدرك الأب بأن المراهق يمر بتغيرات جسمية كبيرة تنقله من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرجولة فإنه سوف يعامله على أنه لم يعد صغيراً بل يجب أن يعامله معاملة الكبار مع شيء من الحذر.
* تهيئة المراهق للمرحلة المقبلة من حياته والتي تمتاز بسرعة التقبل للأفكار والمبادئ و التشرب للأخلاق والسلوكيات بحيث يقدم لهم ما يناسبهم ويشبع حاجاتهم الفكرية والخلقية.
* توجيه الأبناء حسب طاقاتهم الجسمية وقدراتهم العقلية وضرورة تغيير أسلوب التعامل معهم ومحاولة التقرب منهم والتأثير عليهم قبل أن يقعوا تحت تأثيرات أخرى خارج المحضن التربوي السليم و التي قد لا تكون في صالحهم . بعد التعرف على أهمية دراسة مرحلة المراهقة سنتعرف على مرحلتين منها سنحاول اتلربط بينهما.

II. خصائص النمو العقلي وعلاقته بالنمو اللغوي لدى المراهق:

1- مظاهر النمو اللغوي :
* ظهور الكلام المسموع : بصورة طيبة وقدرة على التعبير عن الارتياح والرضا.
* ظهور الكلام الداخلي : ويستخدم عند عدم الرضا أو عدم الفهم ويحرص الشاب على عدم إسماع صوته.
* ظهور محادثة الذات : وهي مخاطبة للنفس، إما للتأنيب أو الاعتراض أو مجرد مخاطبة ومحادثة النفس حول ما يحدث له خلال يومه وهي عبارة عن محادثة هادئة غير معلنة.
* يأخذ وقتاً كبيراً في الكلام خاصة عند التحدث في أمور تخصه.
* استخدام العبارات القصيرة والردود غير المقنعة.
* الكلمات لا تعبر دائماً عن كل ما يدور بنفسه.
* أكثر انطلاقاً عند أقرانه وأصحابه من أهله.

2- مظاهر النمو العقلي :
* النمو العقلي في المراهقة يعني التغيرات التي تطرأ على الأداء العقلي في الكم والكيف , ذلك أن القدرة العقلية تنمو بسرعة أكبر منها في مراحل العمر السابقة حيث يكتمل النضج العقلي في نهاية هذه المرحلة .
* النمو العقلي والتطور النمائي لهذه القدرات العقلية من أهم العوامل التي تساعد المراهق على التكيف مع نفسه وبيئته الاجتماعية .
* الإدراك نوعان :
- حسي : وهو إدراك الشيء بواسطة البصر.
- معنوي : وهو إدراك الشيء بواسطة البصيرة أي بالقلب والعقل معا.
والمراهق ينتقل من الإدراك الحسي الذي يميز مرحلة الطفولة إلى الإدراك المعنوي، وهذا الإدراك منه يستمر في الزيادة والتركيب مع تقدم عجلة النمو.
* التفكير : وهو إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها , وهو عملية من عمليات العقل العليا والمراهق في هذه المرحلة لا يمل من التفكير والبحث حتى تستبين أطراف موضوع التفكير أملا في الوصول إلى الحقيقة فكثيراً ما يجد المراهق الطريق غير معبد لتحقيق أهدافه , كما أنه يجهل الطريق الموصل لأهدافه أو أن تحول دون ذلك عقبات فيفكر بالطريقة التي توصله إلى الهدف بما يتناسب مع
المجتمع .
* يتميز المراهق باستقلالية التفكير في هذه المرحلة كما يمكنه إدراك الكثير من الحقائق .
* يتميز المراهق في هذه المرحلة بنضوج العقل وقدرته على التفكير المستقل والإدراك والتذكر والتخيل وكذلك الفهم والتمييز بين الحق والباطل والعدل والظلم والخير والشر .
* التذكر عملية تنمو في فترة المراهقة وكذلك القدرة على الاستدعاء وكذلك القدرة على الحفظ.
* القدرة العقلية للمراهق تتحول من التفكير المادي إلى المعنوي ومن التفكير الفردي إلى التفكير شبه الجماعي , ومن التفكير الموجه للخارج إلى التفكير القادر على تأمل الذات وتأمل المحيط الخارجي في الوقت نفسه .
* تزداد في فترة المراهقة قدرة الانتباه من حيث المدة والطول والعمق , ويصاحب هذا الانتباه نمو القدرة على التخيل والتذكر.
* يتميز المراهق بإدراكه التام لمفهوم الزمن وقدرته على التفكير المستقبلي إضافة إلى التفكير الآتي.
* في هذه الفترة تتجه وظائف العقل نحو الاكتمال والنضج وتظهر لدى المراهق القدرات الخاصة والميول المتعددة كالميول اللغوية والعلمية وأنواع الفنون والهوايات كالرسم وغيره.

3- محاولة الربط بين النمو العقلي واللغوي :
يتميز الطفل بادراك حسي أي أنه يقوم بالتعرف على الأشياء بواسطة البصر و في مرحلة الانتقال من الطفولة إلى المراهقة يتغير الإدراك من حسي إلى معنوي حيث يتعرف على الأشياء بواسطة البصيرة أي بالقلب و العقل, بالتالي يحاول أن ينمي ملكة التركيب بين العقل و التفكير و اللغة حيث يبدأ البحث على مصطلحات أو كلمات تليق بالعنصر الذي تعرف عليه.
فمثلا الطفل على فتاة تكبره سننا فهي بالنسبة له سوى صورة لفتاة تربطه معها علاقة عادية تغلب عليها العواطف العائلية, إما عند المراهق فالفتاة بالنسبة له العنصر المكمل الذي يمكن أن تربطه بها علاقة عاطفية أو جنسية, ففي هذه المرحلة ينمو الحوار الخارجي أو الكلام المسموع أي أنه يبحث عن الكلمات التي تليق به و تبرز شخصيته ليتقرب من الفتاة وفي نفس الوقت في حالة قمع الشاب ينمو الحوار الداخلي الخاص به أي الكلام الغير مسموع الذي يترجم المكنونات الداخلية والتي يترجمها العقل الباطني عن طريق زلات القلم أو اللسان.
في هذه المرحلة يعرف الشباب المراهقين تطورا فكريا حيث يبدأ في التمييز بين الحق و الباطل تبدأ التحفيزات حول القراءة لأن واقعه يفرض عليه ذلك تبدأ الرغبة في القيام بأشياء مفيدة من أجل إبراز الذات أمام أقرانه ليصبح ذلك العنصر البارز وسط جماعته وما يميزه هو إنتاجه سواء لغوي مكتوب أو شفوي عند نشاط معين قامت به المؤسسة التي ينتمي لها, وكذلك يمكن أن يكون هذا الإنتاج عبارة عن رسالة غرامية أو قصة يستعمل فيها خيال الواسع الذي يجعله أمام تحد ألا وهو تنمية لغته ليستطيع التعبير عن خياله و إخراج كل مكنوناته.
هناك بعض المراهقين الذين يتجهون نحو الإنتاج السياسي وذلك عن طريق تفريغ طاقتهم في جمعيات أحزاب منظمات... فباحتكاكهم بهذه الأطراف فقدراتهم اللغوية و العقلية تنمو بشكل متوازن.

خاتمة:
نخلص إلى أن النمو العقلي و للغوي فهما مترابطان و هذا النمو تحكم عليه البيئة التي ينتمي إليها المراهق. إذن فمرحلة المراهقة من أهم الراحل التي يمر بها الإنسان و لذلك لابد من التعامل معها بكل حذر من طرف المربي ساء كان مدرس أو أب.

مراجع يمكن الاعتماد عليها للتوسع أكثر في الموضوع :
- مقالات عبد اللطيف بن يوسف المقرن: التعامل مع المراهقين من خلال خصائص النمو.
- محمد فهد الثويني: فن التعامل مع مرحلة المراهقة فتيان و فتيات من 12 إلى 18 سنة.
- سيد أحمد عجاج:2008 علم نفس النمو.
- جان بيايجي: علم النفس و فن التربية ترجمة محمد بردوزي.



تحميل الموضوع:

إرسال تعليق

0 تعليقات